Sat | 2021.Jul.17

وليمة النعمة


«قَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَح»

لا شك أنه كان في بيت الأب عُجُولٌ كثيرة، ولكن الأب كان قد أعد عِجْلاً مُسَمَّنًا، وحفظه في حظيرته حتى رجع الابن الضال، فأمر بذبحه إذ لم يكن ممكنًا أن يذبحه لغيره، الأمر الذي ملأ قلب الابن الأكبر حسدًا لأن أباه لم يُعطهِ جِديًا لكي يأكله مع أصدقائه. ومن هذا نرى أن الله أعدّ للإنسان الخاطئ وليمة سماوية «تَشْتَهِي الْمَلاَئِكَةُ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَيْهَا» ( 1بط 1: 12 ). ولا شك أن الله أعطى شعب إسرائيل قديمًا بركات ومواعيد كثيرة، ولكنه أبقى لنا نحن المساكين، الذين كنا قبلاً بلا إله وبلا رجاء، ذلك العجل المُسمَّن، أو بعبارة أخرى بركات روحية اشتهى ملوك وأبرار كثيرون أن يروها، وحتى الأنبياء قديمًا قد أعلن لهم أنه ليس لأنفسهم بل لنا كانوا يخدمون بهذه البركات والمواعيد، التي أُخبِرنا بها نحن الآن.

ويا لها من محبة فائقة قد بَدَت من الأب المُحب، فإنه لم يأمر بذبح العجل المُسمَّن لكي يأكل منه الابن الأصغر وحده، بل يقول: «قَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ»، فالأكل والشبع والسرور والفرح ليس من نصيب الابن الراجع إلى الله وحده، ولكنه طعام مشترك وسرور مُتبادل بين الأب المُحب والابن الراجع إليه. فهوذا الأب وابنه الذي كان قبلاً ميتًا وضالاً جالسان على مائدة واحدة، يشبعان بطعامٍ واحد، ويتقاسمان فرحًا واحدًا.

وأي طعام يُشبع قلب الآب سوى ذلك الشخص المبارك الذي هو خبز الله النازل من السماء الواهب حياة للعالم، ذلك الخبز الذي ليس للملائكة ولا لرؤساء الملائكة نصيب فيه. لقد أعطى الله شعب إسرائيل في البرية المَن الذي هو خبز الملائكة، أما نحن فقد أعطانا الآب الخبز الذي يقتات هو به، ولا يجد سروره في غيره «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ». فسرور الآب وشبعه، من الأزل وإلى الأبد، هو في ذلك الابن الوحيد، وقد تنازل الله فأعطانا نصيبًا معه في ذلك الطعام المُشبع.

يا ليتنا نحن المؤمنين نقتات ونتغذى على الدوام بذلك الخبز الحقيقي دون سواه.

كلي



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6