في رؤيا 5 نجد منظرًا نبويًا؛ فالكون كله يُقدِّم سجوده لله وللخروف: «لِلْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ الْبَرَكَةُ وَالْكَرَامَةُ وَالْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ». ويُرى الخروف مُستحقًا لذلك، فهو الذي تمَّم كل مقاصد الله من جهة هذا العالم. وهو الذي يُجري القضاء، وأُعطيت له كل الدينونة لأنه ابن الإنسان ( يو 5: 22 -27). ولذلك، فإنه أخذ السِفْر المَخْتُوم بِسَبْعَةِ خُتُومٍ. وخرَّ أمام الخروف، الأربعة الكائنات الحيَّة، والأربعة والعشرون شيخًا، ولكل منهم قيثارات وجامات من ذهب مملوءة بخورًا هي صلوات القديسين. وكانوا يُرنمون ترنيمة جديدة قائلين: «مُسْتَحِقٌ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ، وَجَعَلْتَنَا لإِلهِنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً، فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ» (ع8-10).

إن ترنيمة الشيوخ، وهي تتفق مع حالة قديسين مُقامين، كانت ترنيمة جديدة؛ ليس لأن الفداء كان شيئًا جديد الإعلان، بل لأنه تمَّ، وتحققت صورته النهائية، وصارت نتائجه المجيدة منظورة في السماء. ففي المشهد الذي أمامنا نرى فداء الجسد بالقيامة قد تمَّ، ويُرى القديسون مُمجَّدين في السماء، والخروف يبدأ وحده يُحقق الفداء بالقوة على الأرض، لذا نرى الترنيمة تُنشد بتتميم مقاصد الله العظيمة.

ومن المُلذ أن نلاحظ أن صف المُرنمين يبدأ بالشيوخ (ع9)، ثم اشتركت الملائكة (ع11، 12)، وأخيرًا رأينا الخليقة كلها تضم صوتها (ع12-14). ولكن هناك اختلاف كبير بين سجود الملائكة وسجود الشيوخ. فالملائكة تُرنم لطاعته حتى الموت، وتعرفه كالحمل المذبوح الذي استحق أن يأخذ المجد والبركة، ولكنهم لا يذكرون شيئًا عن الفداء، في ترنيمتهم، ولم يكن لهم التمتع بالتطهير بالدم. والشيوخ من ناحية أخرى، رأوا عمل الفداء الذي تمَّ في الصليب، لذلك هتفوا للخروف أنه مُستحق، فقد اختبروا هم أنفسهم قيمة فداء المسيح الأبدي.

ر. أ. كريث