Sun | 2021.Jun.20

صُرَّة المُرّ


«صُرَّةُ الْمُرِّ حَبِيبِي لِي. بَيْنَ ثَدْيَيَّ يَبِيتُ»

إن في وصف العريس بأنه «صُرَّةُ الْمُرِّ» إشارة إلى أنه «رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحُزْنِ» ( إش 53: 3 ). نعم، لقد كان سيدنا وربنا يسوع رجل الآلام في حياته وفي مماته، وللمُرّ علاقة به من بَدء حياته وإلى ختامها، فبعد ولادته أتى المجوس مُقدمين له الهدايا ومن بينها المُرّ، وعند الصليب أعطوه خلاً ممزوجًا بمرار ليشرب، ولما ذاق لم يُرِد أن يشرب. وما أعمق هذا التعبير «صُرَّةُ الْمُرِّ»، فكان كل أنواع الآلام والأحزان قد اختبرها - تبارك اسمه - في حياته وفي موته أيضًا «مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ» ( عب 4: 15 ). والعروس قد أدركت هذه الحقيقة فزادها ذلك تعلقًا به، لذا تقول عنه «صُرَّةُ الْمُرِّ حَبِيبِي لِي»؛ أي أن هذا الحبيب هو حبيبها، وهي قد امتلكته.

قد يحسب الغير ذلك مُغالاة منها، ولكنها لا تبالي، بل بجرأة مقدسة تقول: «حَبِيبِي لِي»، وما دام لي وأنا قد امتلكته، فإني سأحتفظ به كصُرَّة المُرّ، ولا أجد مكانًا يليق له لأضعه فيه سوى قلبي وأحشائي، لذا «بَيْنَ ثَدْيَيَّ يَبِيتُ»، هذا هو المكان الوحيد اللائق له، والذي يلذ له أن أضعه فيه.

إن كلمة «يَبِيتُ» تعني “يستريح كل الليل”. وهل يستطيع الرب يسوع رجل الآلام أن يجد راحته في ليل هذا العالم المُظلم إلا في قلب المؤمنين؟ وهل هناك سعادة تعادل النفس التي يجد المسيح راحته في أحشائها «لِيَحِلَّ الْمَسِيحُ بِالإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ» ( أف 3: 17 ). ولا يوجد أثمن من هذا الاختبار، أعني التمتع بحلول المسيح، صُرَّةُ الْمُرِّ أو بالحري يسوع المرفوض من العالم، في قلوبنا. والقلب «مِنْهُ مَخَارِجَ الْحَيَاةِ» ( أم 4: 23 ). فمتى ملأ المسيح قلوبنا، فلا بد أن يهيمن على كياننا بجملته فتصبح إرادته إرادتنا، ونظراته نظراتنا. هو يرى ويتكلم ويسمع فينا، أو بالحري“نَحْيَا لاَ نحنُ، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِينا” ( غل 2: 20 ). فهلا نفتح قلوبنا ونسلّمها له ليبيت فيها؟

متى بهنام



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6