Fri | 2021.Aug.20

غرباء ونُزلاء


«وَظَهَرَ لَهُ الرَّبُّ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ»

قد قدم إبراهيم السجود للرب أولاً عند باب الخيمة. والخيمة رمز للغربة، لأنه ليس لها أساس في الأرض. ولقد تحلى إبراهيم بصفات الغريب السائح، فكانت له هذه الأرض التي سكن فيها كمدينة غريبة، وكان هو نفسه غريبًا ساكنًا في خيامٍ ( تك 23: 4 ؛ عب11: 9، 13).

ولقد ارتبطت الخيمة في حياة إبراهيم أيضًا بالمذبح ( تك 13: 18 ). والخيمة والمذبح يشيران إلى صفتين متلازمتين امتاز بهما إبراهيم: ففي الخيمة إقرار بأنه كان على الأرض غريبًا ونزيلاً. وفي المذبح الدليل على أنه كان ساجدًا لله. وفي الخيمة اعتراف بأن لا شيء له على الأرض. وفي المذبح البرهان على أنه يمتلك كل شيء في الله. فإن كان الله لم يُعطهِ ولا وطأة قدم في هذه الأرض، لكن الله - تبارك اسمه - كان هو نصيبه، وفي ذلك كل الكفاية له. كانت قدماه على الأرض، وكان قلبه غريبًا عن الأرض، متعلقًا بالرب وبأموره، وهذا ما كان يَسْتَحْضِر في داخله حاسيات السجود، ولذلك فعندما «ظَهَرَ لَهُ الرَّبُّ ... وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ ... رَكَضَ ... مِنْ بَابِ الْخَيْمَةِ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ»!

أوَ ليس إبراهيم في مركزه هذا مثالاً وأبًا لجميع الذين يؤمنون ( رو 4: 11 ، 12)؟ أَ لسنا نحن أيضًا “غُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ” في هذا العالم ( 1بط 2: 11 )؟ أَ ليس هذا هو المركز الحقيقي للمؤمن المسيحي اليوم ( يو 17: 14 ، 16)؟ فعلى قدر ما نحيا كغرباء ونزلاء في هذا العالم، منتظرين المدينة التي لها الأساسات، التي صانعها وبارئها الله ( عب 11: 10 )، على قدر ما نسمو فوق ما حولنا من إغراءات وملذات، من آلام واضطهادات، وعلى قدر ما نتمتع بالشركة مع الله، وبهذا نستطيع أن نقدم له السجود الحقيقي الذي يستحقه.

فايز فؤاد



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6