Fri | 2013.Apr.19

تكفيك نعمتي


تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ ( ٢كورنثوس ١٢: ٩ )

أُتيح للكاتب أن يتعقب مجرى النهر الذي يزوِّد سكان نيويورك بالماء، ولشد دهشتي حينما عثرت على النبع الأصلي، وإذ به تحت قطعة من الصخر!! وهكذا نعمة سيدنا؛ النعمة الموفورة التي يهَبها لنا، نبعها من ذاك الذي هو صخر الدهور، الصخرة المضروبة. إن نبع تلك النعمة هو في الصليب، وإنها لنعمة كافية لخلاصنا. بنعمته نحن مُخلَّصون، فقد وصلت النعمة إلى أعماق الموت والانحطاط، إلى حيث أوصلتنا الخطية، ومن هناك رفعَتنا وهمَست في آذاننا كلمات السلام والقبول، فطابت قلوبنا المرتاعة.

ولكن مَن ذا يقدر أن يصف كفاية نعمته لحياة المؤمن وسلوكه؛ في الخدمة والآلام، في الحياة والموت!! ما أكثر نقائص حياتنا كأولاد الله! ما أكثر ضعفاتنا وما أبشع مظاهر الخطية الساكنة فينا! في أشياء كثيرة نعثر جميعًا، ونفشل كلنا! ولكن تكفينا نعمته لأنه لا يكف عن خدمته الشفاعية أمام وجه الله لأجلنا.

إن الطبيعة الجديدة لا تطمع في أقل من أن تُرضِي الله وأن تحيا حياة النصرة، وأن تعيش بالتعقل والبر والتقوى، وأن تسلك بالروح في الانفصال. هي تطمع في المزيد من القداسة، هي لا تستقر ولا يطيب بالها إلا إذا وضعت أمور الجسد في المكان الخليق بها. ولكن مَن هو كفؤ لأن يعيش بهذه الصورة وأمامنا أنواع الإغراء في عصرنا المُظلم الذي ينحدر إلى الهلاك؟ الجواب من فوق: «تكفيك نعمتي!» إن سر الحياة المسيحية الصحيحة هي في أن نغض النظر عن الذات ونتطلع إلى المسيح؛ المسيح الذي فيه كل كفايتنا، هو الذي يزوِّدنا بالقوة متى اعترفنا بعجزنا. مهما تكن التجربة، مهما تكن هجمات العدو، مهما تكن سهامه الملتهبة: تكفينا نعمته!

لنا مقدارنا المُعيَّن من التجارب والضيقات، ولكن نعمته فيها الكفاية لحملنا في طريق الضيقات، هي تكفينا حتى إننا «نفتخر أيضًا في الضيقات». هي تكفينا فتضع على شفاهنا أغاني في الليل. هي تكفينا لأن نجتاز الوديان المظلمة، ولأن نحتمل الاختبارات المُذلة! هي تكفينا حينما لا يفهمنا الآخرون، أو يتهموننا، أو يتقوَّلون علينا! إذا حدث مع أحد أولاد الله شيء من هذا القبيل فسبيله عندئذٍ لا الدفاع عن النفس بل سبيل ذاك الذي «الذي إذ شُتِمَ لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يُهدد بل كان يُسلِّم لمَن يقضي بعدل». نعمته كافية لأن تجعلنا نسلك كما سلك ذاك.


كاتب غير معروف



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6