Wed | 2021.Nov.03

قَبَضُ الريح


« كُلَّ الأَعْمَالِ الَّتِي عُمِلَتْ تَحْتَ الشَّمْسِ ... الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ»

لكي تكون السعادة حقيقية ومستمرة، ينبغي أن تُبنى على أساس متين. وإذ يظن الفرد أنه عثر على أساس متين، وينشغل بتوطيد دعائم سعادته، يملأه الزهو والفخار مع كونه - في حقيقة الأمر - لا يفعل أكثر من مجرد بناء قصور في الهواء. وينسحب هذا على قراءة الروايات، والانهماك في الألعاب الرياضية، والانخراط في الأنشطة الاجتماعية والحفلات. وهناك ولا شك بريق خاص للمغامرات، ولما يدعوه العالم “النجاح في الحياة” ... على أن كل دقة من دقات الساعة تقربك إلى وقت الرحيل، تاركًا كل شيء وراءك. فما هو سبيلك للرجوع إلى ما خلفته، وقد أفنيت عمرك لتدركه؟ إلى أي شيء تتطلع حينئذٍ؟

أيها الصديق: إن كل هذه الأشياء إنما هي دروب تحاول من خلالها الهروب من حقائق الحياة الأكثر عبوسة، مثل الموت الآتي لا محالة. نعم، ليس ثمة شبع حقيقي دائم في مثل هذه الأشياء. إن محاولتك لاستقاء السعادة من مثل هذه الينابيع هي تكرار لتجربة سليمان. لقد امتلك سليمان: الصحة، الغنى، النساء، بل ونال مشتهى كل بشر عاش في هذا العالم. لقد عزم أن يمتلك كل مسرة قد تخطر على بال، تحت الشمس، دون أن يتكلَّف أدنى مشقة. كما جرَّب كل ملذات العالم ... ثم أوجز لنا تقريره النهائي عما قدَّمته له هذه المسرَّات: «فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ» ( جا 1: 14 ).

إن الفرح لكي يكون حقيقيًا ودائمًا، يجب أن يركن إلى أساس راسخ لا تستطيع عواصف الحياة أن تعصف به. وإن الواحد منا ليتمنى أن تمضي سفينة الحياة على صفحة مياه هادئة. ولكن هيهات. فأمواجها قاسية لا ترحم. والإبحار فيها صعب وشاق. ولقد قصد الله أن تكون الحياة كذلك حتى يعود الإنسان إليه؛ المصدر الوحيد للشبع الحقيقي. إن الفرح الحقيقي المستمر هو في الله وحده. إن محاولة الوصول إليه عن أي طريق آخر هي محاولة “قَبْضُ الرِّيحِ ”؛ أي إمساك الريح في قبضتك!

أ. س. هادلي



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6