Thu | 2022.Oct.13

عظيمٌ أمام الربِّ


«يُوحَنَّا ... يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبِّ، وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ»

إن كلمات جِبْرَائِيل عن يوحنا أنه «يَكُونُ عَظِيمًا أَمَامَ الرَّبّ»، لا تُعبِّر عن كل صفات المعمدان، إذ يُضيف «وَخَمْرًا وَمُسْكِرًا لاَ يَشْرَبُ»؛ وهذا هو النذير. والصفة الأولى التي تجعل من يوحنا عظيمًا في نظر الرب، هي كونه نذيرًا. ومن سفر العدد 6 نفهم أن النذير هو شخص “يَنْتَذِر(أو ينفصل) لِلرَّبِّ”. وهناك ثلاث علامات متميزة للنذير: أولاً: أن يَفْتَرِز عَنِ الخَمْرِ وَالمُسْكِرِ. ثانيًا: أن يُرَبِّي خُصَل شَعْرِ رَأْسِهِ. ثالثًا: أنه لا يَأْتِي إِلى جَسَدِ مَيِّتٍ. إنه يحرم نفسه من الخمر؛ علامة فرح القلب للإنسان الطبيعي مع نظرائه. وبشعره الطويل يُعلن أنه تخلى عن حقوق وكرامة الإنسان، بخضوعه لإرادة الله، حيث يعترف بمطاليب الله. وفي النهاية، يتجنب كل ما يأتي به إلى ملامسة الخطية، التي عاقبتها الموت.

والانْتَذَار لِلرَّبِّ يقوم على هذه الأمور الثلاثة، والتي نتبينها في حياة يوحنا المعمدان. ولكن في كلمات الملاك جِبْرَائِيل، يُستحضر أمامنا ـــــ بصفة خاصة ـــــ كمن انفرز عن كل ما تتضمنه أفراح الإنسان في المجتمع. ولا شك أن العالم حين يراه يقول: “إنه مكتئب وكاره للناس”. ويا لها من غلطة بالطبع! فالفرح الطبيعي هو الفرح الوحيد المعروف في هذا العالم، ولكنه في قلب النذير قد حلَّ محله الفرح الذي يناله بالشركة مع الرب. وهذان النوعان من الفرح يتناقض أحدهما مع الآخر، ولا يوجدان معًا. وبالقدر الذي نُنكر فيه أنفسنا، ونرفض الأول، بقدر ما نتمتع بالأخير.

ومن خلال حياة المعمدان، ما كان يُميّز الملامح الرئيسية لذلك الرجل البسيط والصارم هو الفرح الإلهي. والعلامة المعجزية التي ميَّزته أنه ابتهج، وهو في بطن أمه، حين وصلت تحية أُمّ رَبّه وإلهه إلى أذني أليصابات ( لو 1: 44 ). وفي نهاية حياته أيضًا قال: «فَرَحِي هذَا قَدْ كَمَلَ» ( يو 3: 29 ).

هنري روسييه



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6