Sat | 2022.Oct.08

العسل وقطر الشهادِ


« أَحْكَامُ الرَّبِّ ... أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ»

العسل ليس مثالاً لكلمة الله ذاتها، ولكن لخدمة الكلمة، التي بواسطتها تُعطَى للمؤمن القدرة أن يبني الآخرين في معرفة الله. ولكن يجب أن يهضم هو الحق أولاً، قبل أن يكون قادرًا على تفصيله باستقامة، لكيما يُوّصله للآخرين. ومن هذا تكون بالحقيقة حلاوة العسل وقيمته.

ويوجد نصان من الكتاب المقدس، محفوران بعمق في قلوبنا، ولهما مغزى عظيم في هذا الشأن: أولاً مزمور 19: 7-11، فبعد التكلُّم عن “نَامُوسُ الرَّبِّ”، “شَهَادَاتُ الرَّبِّ”، “وَصَايَا الرَّبِّ”، “أَمْرُ الرَّبِّ”، “خَوْفُ الرَّبِّ“، “أَحْكَامُ الرَّبِّ”، يُعلِن أنها «أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ. أَيْضًا عَبْدُكَ يُحَذَّرُ بِهَا، وَفِي حِفْظِهَا ثَوَابٌ عَظِيمٌ». ويُسجّل كاتب المزمور عن اختباره السعيد بالمصادقة على ذلك في مزمور 119: 103 «مَا أَحْلَى قَوْلَكَ لِحَنَكِي! أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ لِفَمِي».

إذا كان العَسَل يعني ـــــ كما رأينا آنفًا ـــــ حلاوة خدمة الكلمة، إلا أن الكلمة نفسها «أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ». ومثلما أن ذبيحة المسيح تحتل موقعًا متفردًا على وجه الإطلاق، فهكذا أيضًا كلمة الله. فالخدمة لها موقعها، ولكن الكلمة لها موقع أسمى وأحلى بما لا يُقاس. وإذا كان من شأن الخدمة أن تُوقظ فينا عطشًا أعمق للكلمة نفسها، ففي هذه الحالة هي تخدم في غرضها الصحيح. وبينما نحن نُقدّرها ـــــ بالصواب ـــــ ”كالعَسَل“، فإن كلمة الله ستُصبِح في اختباراتنا «أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ» مذاقًا، وتحتل موضعًا أكثر قيمة بكثير من جميع الوسائل التي نستعين بها لنفهمها. إنها تربطنا بالرب، وبأفكاره، ولكنها بالأحرى تُزيد من تدفق المحبة للآخرين، ولا تُنقِص منها. فما أعجب وما أثمن طرق الله! «وُجِدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ وَلِبَهْجَةِ قَلْبِي» ( إر 15: 16 ).

ل. م. جرانت



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6