Sun | 2021.Jul.18

موت الصليب


«إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي بَعِيدًا؟»

مَنْ في قدرته أن يصف آلام ابن الله حينما سكب للموت نفسه؟ لما نطق قلبه الحزين بهذا الصراخ المُرّ «إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟». رسول أسلمه، وآخر أنكره، وكل تلاميذه تركوه وهربوا. الله تحوَّل عنه، والإنسان سَخَر منه وازدراه وبصق على وجهه وجلده وأحط من مقامه بأن جعله في عِداد المجرمين. الظلام غطى وجه الأرض ساعات ثلاثًا، وأمسى الإنسان يسوع المسيح، الطاهر الكامل، متروكًا من الله، ومن ثم صرخ «إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟».

لم نسمع صُراخًا مثل هذا من قبل، ولن يُسمع في ما بعد، لأن الله لا يترك إنسانًا يستطيع أن يقول بحق «إِلَهِي». وفي المستقبل حينما يُترك الهالكون ويُطردون من حضرة الله، لا يقدر أن يقول أحدهم صدقًا «إِلَهِي». والعَجَب في هذا الصراخ على الصليب، أن الذي استطاع أن يقول في كمال الإيمان والمحبة «إِلَهِي»، هو الذي تُرك من الله. وكإنسان استطاع أن يقول ليهوه: «أَنْتَ إِلَهِي»، مع أنه مُعادل لله، وهو الابن الوحيد وواحد مع الآب، إلا أنه وُجد في الهيئة كإنسان وأخذ صورة عبد، وكالعبد الكامل كان طعامه أن يفعل مشيئة الذي أرسله ويتمم عمله، وظل طيلة حياته متمتعًا بالشركة مع الآب حتى تسنى له أن يقول: «أَيُّهَا الآبُ ... أَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي» ( يو 11: 41 ، 42). بيد أنه في موت الصليب صرخ قائلاً: «إِلَهِي، إِلَهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟».

كتب داود هذا الصراخ بالروح مُنبئًا عنه زهاء ألف سنة قبل تمامه، وهو أن المسيا في آلامه سينطق بهذه الكلمات المدوّنة في الأناجيل، والتي نطق بها المخلِّص وهو مُعلَّق على الصليب. ويُشير المزمور إلى أن هذا التعبير قد نطق به المسيح لما حَمَلَ خطايانا في جسده على الخشبة. فله كل المجد.

تشارلس ستانلي



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6