Thu | 2013.Feb.21

شمشون ... من أجل نفسه


فَدَعَا شَمْشُونُ الرَّبَّ ... يَا سَيِّدِي الرَّبَّ، اذْكُرْنِي وَشَدِّدْنِي يَا اَللهُ هذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ، فَأَنْتَقِمَ نَقْمَةً وَاحِدَةً ( قضاة ١٦: ٢٨ )

في المشهد الختامي في قصة شمشون، تعال نقرأ ونتأمل ما حدث «فدعا شمشون الرب»؛ أخيرًا يا شمشون! «وقال: يا سيدي الرب، اذكرني وشددني يا الله»، وما خاب مَن إليه استند. لكنه يستدرك: «هذه المرة فقط». لماذا؟ هل فرغت قدرة الله؟ أم نضبت رحمته وجفت نعمته وذبلت محبته؟ حاشا! بل المأساة تكمُن في باقي العبارة: «فأنتقم (أنا) نقمة واحدة عن عينيَّ (أنا) من الفلسطينيين». هكذا كان شمشون دائمًا شخصًا منكفئًا على ذاته لا يفكر إلا في نفسه، وما يعنيه في شيء: لا الذين هم من حوله، ولا حتى الله نفسه!! ويمكننا تتبع ذلك في كل القصة.

«الآن خُذاها لي امرأة»، وما دامت ”لي“ فلا يهمني لا ناموسكم ولا أي شيء آخر ( قض 14: 13 ، 3). ثم إنه لما اختبر إنقاذ الرب له من الأسد، وإخراجه الحلاوة من الجافي، كان ينبغي أن يُعيد المجد في ذلك لصاحبه، لكننا عوضًا عن ذلك نراه يستخدمه لحساب نفسه في أمر الأُحجية، فيقول: «تُعطوني أنتم ثلاثين قميصًا وثلاثين حُلَّة ثياب»!! (قض14: 13). رغباته كانت دائمًا ملء المشهد ولا ينافسها آخر.

ثم اسمعه يرُّد على مَن جاوبوا بالحيلة على الأحجية «لو لم تحرثوا على عِجلَتي، لَمَا وجَدتُم أُحجيتي» ( قض 14: 18 )، مرة أخرى ياء الملكية هي المحور.

ثم تكراره للقول: «أضعف وأصير كواحد من الناس» يُظهر اهتمامه الشديد بنفسه ( قض 16: 7 ، 11). فمع أنه بالفعل، كنذير للرب، وكممنوح قوة خاصة، هو لم يكن كواحد من الناس؛ لكنه كان دائمًا يستخدمها خارج قرينتها الصحيحة، فهو لم يَقُلها في مشهد انتذار للرب، أو انفصال عن الشر، أو صُنع خلاص لشعب الله، بل كرَّرها استخفافًا وتهكمًا وخداعًا في بيت زانية!!

وهكذا نصل إلى النهاية؛ فلا نراه يسرع إلى التوبة الحقيقية (كداود في يومه)، بل اهتمامه بنفسه قاده فقط إلى طلب النقمة، وقد كان، ومات بينهم: نذير الرب وسط أعداء الرب!! ويا لها من نهاية!!

ليتنا نتعلَّم ضبط النفس في كل شيء، وليكن لنا سلطان على أرواحنا، ولنطلب من الرب حكمة لنتصرف بها، ولنكف عن تقديم تنازلات عن الحق، وعن اهتمامنا البالغ بذواتنا.


عصام خليل



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6