Sun | 2012.Nov.25

مُكلَّل بالمجد والكرامة


إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ..،فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذْكُرَهُ؟..وَتَنْقُصَهُ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، َبِمَجْد..تُكَلِّلُهُ ( مز ٨: ٣ - ٥)

ما أضعف الإنسان في نفسه! كم نحس في نفوسنا بالصِغَر عندما ننظر هذا الكون المترامي الأطراف المتلألئ بضيائه! لكن انظر إلى المسيح وسرعان ما يخبو كل بريق هذا الكون أمام مجد أروع؛ مجد ذاك الذي كل شيء قد وُضِعَ تحت قدميه! إن الذي تكلَّل بالمجد والكرامة هو الإنسان الثاني، هو الرب يسوع المسيح الموجود الآن فوق السماوات، والذي نتيجة عمله على الصليب سيحرر كل الخليقة عن قريب، ويعتقها من عبودية الفساد إلى حرية مجد أولاد الله!

«تُنقصَهُ قليلاً عن الملائكة».. ولقد ذكر الرسول هذه الأقوال في الرسالة إلى العبرانيين أصحاح2 مرتين: الأولى في ع7، والثانية في ع9 «وضعته قليلاً عن الملائكة. بمجدٍ وكرامة كلَّلتهُ... ولكن الذي وُضِعَ قليلاً عن الملائكة، يسوع، نراهُ مُكللاً بالمجد والكرامة». في المرة الأولى (ع7) يُشير إلى أن الإنسان في خَلقه أضعف من الملائكة. وبالتالي فهي تشير أيضًا إلى المسيح في تجسده، وتعني أنه جُعل في درجة أقل من الملائكة.

والثانية (ع9) تُشير إلى أن اتضاع المسيح دون الملائكة كان لفترة محدودة، ويمكن أن نترجمها هكذا: وضعته دون الملائكة لفترة قليلة (هي فترة وجوده بالجسد على الأرض)، لكنه بعد الموت والقيامة مضى إلى السماء وملائكة وسلاطين وقوات مُخضَعة له.

وبذلك يكون المسيح قد تجاوز الملائكة مرتين: مرة بالتجسد، والثانية بالقيامة والصعود. في المرة الأولى في مولده وحياته على الأرض، ثم بموته صار أقل منهم ( عب 2: 9 )، وأما في الثانية، فإنه بقيامته وصعوده وجلوسه في أعلى قمة في السماء صار (كإنسان) أعظم منهم ( عب 1: 4 ).

ويرى البعض أن تَكلُّل المسيح بالمجد والكرامة المذكور في عبرانيين2: 7 لم يكن تاليًا لموته، بل سابقًا له. نعم لقد كان المسيح هنا على الأرض مُكللاً بالمجد والكرامة التي منحها الله للإنسان، لكن الإنسان فَقَدها بالخطية والسقوط. وأما المسيح الذي لم تكن له أدنى علاقة بالخطية، فقد تمتع بهذه الكرامة التي خسرها آدم. ولهذا فلا عجَب أن نجد كيف كانت الحيوانات تخضع له، كما يذكر هذا المزمور، رغم أنه في مجيئه الأول لم يأتِ لكي يملك بل ليَخضع. صحيح هذا سيتم على أكمل وجه في مجيئه الثاني للمُلك، إلا أن هذا لم يمنع أن تُظهر الحيوانات خضوعها له في مجيئه الأول.


يوسف رياض



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6