Sat | 2022.Sep.03

خِداع الحيَّة


«أَخَافُ أَنَّهُ كَمَا خَدَعَتِ الْحَيَّةُ حَوَّاءَ بِمَكْرِهَا، هَكَذَا تُفْسَدُ أَذْهَانُكُمْ عَنِ الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ»

في العبارات القليلة التي تكلَّمت بها الحيَّة مع حواء، أفرغت كل سمومها القتَّالة ( تك 3: 1 -5). وهو ذات الأسلوب الذي تبعته طوال الأجيال المتعاقبة. وهو ذات الأسلوب الذي اتبعته مع الرب يسوع في التجربة في البرية. وهو ذات الأسلوب الذي يصفه الرسول بولس “بالخداع والمكر”، وبه تفسد الأذهان عن «الْبَسَاطَةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ». وينطوي هذا الأسلوب على ثلاثة سموم مدمرة.

السِم الأول: التشكيك: وهو السِم المٌغلَّف في القول: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ»، وهو الذي أفسد طبيعة الإنسان الأول، وزرع فيها بذرة عدم الإيمان بكلام الله، وزعزع ثقته بالله. ومتى تشكك الإنسان في كلام الله، تزعزع كيانه الأدبي كله، وانهارت كل القيم الروحية في نظره، ولم يبق لديه شيء راسخ يستند عليه ويثق فيه.

السِم الثاني: التحريف: وقد جاء ثمرة للتشكيك. فلم يعد لكلام الله قدسيته وجلاله في نظر حواء، بل تصرفت فيه بالإضافة والتغيير، مما أفسده وأضاع القصد منه، إذ قالت للحيَّة: «أَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلَّا تَمُوتَا». إن التمسُّك الواعي بحرفية المكتوب، هو حصن الأمان من مكايد إبليس «أَنْتَ أَوْصَيْتَ بِوَصَايَاكَ أَنْ تُحْفَظَ تَمَامًا» ( مز 119: 4 ).

السِم الثالث: التكذيب: وهذا هو السِم الأكبر الذي يقود إلى الكفر مباشرة، وهو تكذيب أقوال الله «فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: لَنْ تَمُوتَا!». وهنا يتجلَّى خداع الحيَّة ومكرها، إذ تستدرج الإنسان مبتدئة بتشكيكه في كلام الله، إلى أن تأتي به إلى الإلحاد السافر. وسلاح التكذيب مُشار إليه كثيرًا في الكتاب، مثل قول الرسول يوحنا: «إِنْ قُلْنَا إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِبًا، وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا»، وأيضًا «مَنْ لاَ يُصَدِّقُ اللهَ فَقَدْ جَعَلَهُ كَاذِبًا» ( 1يو 1: 10 ؛ 5: 10). ويا للهول!

ر. ك. كامبل



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6