Fri | 2021.Nov.12

الأعميان والإيمان


«بِحَسَبِ إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا»

كم هو صعب أن يُحرم الواحد من رؤية النور «اَلنُّورُ حُلْوٌ، وَخَيْرٌ لِلْعَيْنَيْنِ أَنْ تَنْظُرَا الشَّمْسَ» ( جا 11: 7 )، وأيضًا «نُورُ الْعَيْنَيْنِ يُفَرِّحُ الْقَلْبَ» ( أم 15: 3 ). وإذا كانت هناك أقلية من البشر حُرموا من نور العينين الطبيعيتين، فإن كل البشر حرموا بالطبيعة من البصيرة الروحية لأن «إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ» ( 2كو 4: 4 ). لكن ها قد وصل الذي يهب البصر للعميان، ولهذا فإن الأعميان تبعاه «يَصْرَخَانِ وَيَقُولاَنِ: ارْحَمْنَا يَا ابْنَ دَاوُدَ!» ( مت 9: 27 ). لقد حُرما من البصر، لكنهما لم يُحرما من البصيرة التي رأت في هذا المتواضع، ابن داود الحقيقي، المسيا، الذي يعطي البصر للعميان. لكن الرب انتظر حتى وصل إلى البيت، حيث تقدم إليه الأعميان «فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: أَتُؤْمِنَانِ أَنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ هَذَا؟ قَالاَ لَهُ: نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! حِينَئِذٍ لَمَسَ أَعْيُنَهُمَا قَائِلاً: بِحَسَبِ إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا. فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا». من هنا نفهم أن أساس البركة ونوال نعمة البصر هو الإيمان. لا شيء أكثر من الإيمان يطلبه الله من الإنسان، ولا شيء أقل يكفيه. إن الإيمان هو العملة التي بها يتعامل الله مع الإنسان. إنه اليد التي تتناول وتمسك بكل عطايا الله للإنسان!

«بِحَسَبِ إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا»! هذا يُذكرنا بالجيل الذي خرج من أرض مصر لكنه لم يدخل أرض كنعان. لقد سقطت جثثهم في القفر «لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَدْخُلُوا لِعَدَمِ الإِيمَانِ» ( عب 3: 19 ). اثنان فقط، هما يشوع بن نون، وكالب بن يفنة قالا: «إِنَّنَا نَصْعَدُ وَنَمْتَلِكُهَا لأَنَّنَا قَادِرُونَ عَليْهَا» ( عد 13: 30 ). وكأن الرب يقول لهما: «بِحَسَبِ إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا». إن الله الغني الكريم يعطي الجميع بسخاء، أما سر الفقر الروحي عند الكثيرين، فهو أن المكيال الذي يغرفون به عطايا الله، أعني الإيمان، صغير. فليتك يا أخي تقول للرب: «زِدْ إِيمَانَنَا!»، لأنه بحسب إيمانك يكون لك.

يوسف رياض



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6