Sun | 2021.Jul.25

المَوضِع


«فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ» ( تكوين ٢٢: ٤ )«فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ» ( يوحنا ١٩: ١٧ )

إن كان مشهد جبل المُريَّا يستحضر أمامنا محبة الله التي بذلت الابن الوحيد، فإنه يستحضر أمامنا أيضًا طاعة الابن الكاملة للآب. فإسحاق الذي حمل الحطب وسار به إلى جبل المُريا، ورُبط على المذبح فوق الحطب، وواجه النار والسكين مطيعًا حتى الموت، هو صورة لطاعة ذلك الابن الفريد، الذي «مَعَ كَوْنِهِ ابْنًا تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ» ( عب 5: 8 ). والمكتوب عنه في درج الكتاب: «أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلَهِي سُرِرْتُ، وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي» ( مز 40: 8 ). وهو الذي قال في أيام جسده: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ» ( يو 4: 34 ). وفي حديثه الوداعي للتلاميذ قبل الصليب قال: «لِيَفْهَمَ الْعَالَمُ أَنِّي أُحِبُّ الآبَ، وَكَمَا أَوْصَانِي الآبُ هَكَذَا أَفْعَلُ» ( يو 14: 31 ). وفي بستان جثسيماني قال للآب: «لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ» ( لو 22: 42 ). لقد «أَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ» ( في 2: 8 ).

وفي مسيرة الثلاثة أيام كان إسحاق يرى في يد أبيه النار والسكين، لكنه لم يكن يعلم أنه هو الذي سيُقدَّم ذبيحة. ومع الفارق فإننا نرى أن المسيح طوال حياته على الأرض، كان الصليب ماثلاً أمامه، وقد صرَّح عدة مرات أنه سيُسلَّم إلى أيدي الخطاة ويُصلَب ويموت، وأنه جاء لا لكي يُخدَم، بل لكي يَخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين.

«وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ» (ع4). وهذا يُذكرنا بموضع آخر كان ماثلاً أمام الله منذ أن عمل الخليقة، وعمل الجبال والتلال كان هناك موضع الجمجمة ( مت 27: 33 )، وكان الآب السماوي يتطلع إليه من بعيد، ويعرف أنه هناك في هذا الموضع، سيُرفع الابن الحبيب على الصليب. وهذا ما نقرأه في العهد الجديد، حيث يقول الكتاب: «فَخَرَجَ وَهُوَ حَامِلٌ صَلِيبَهُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: مَوْضِعُ الْجُمْجُمَةِ، وَيُقَالُ لَهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ: جُلْجُثَةُ، حَيْثُ صَلَبُوهُ» ( يو 19: 17 ).

محب نصيف



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6