وجودك وسط العاصفة


وجودك وسط العاصفة

الدكتور أبو دورام

(أع27: 27ـ 44)

فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ، وَنَحْنُ نُحْمَلُ تَائِهِينَ فِي بَحْرِ أَدْرِيَا، ظَنَّ النُّوتِيَّةُ، نَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ، أَنَّهُمُ اقْتَرَبُوا إِلَى بَرّ. فَقَاسُوا وَوَجَدُوا عِشْرِينَ قَامَةً. وَلَمَّا مَضَوْا قَلِيلاً قَاسُوا أَيْضًا فَوَجَدُوا خَمْسَ عَشْرَةَ قَامَةً. وَإِذْ كَانُوا يَخَافُونَ أَنْ يَقَعُوا عَلَى مَوَاضِعَ صَعْبَةٍ، رَمَوْا مِنَ الْمُؤَخَّرِ أَرْبَعَ مَرَاسٍ، وَكَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَصِيرَ النَّهَارُ. وَلَمَّا كَانَ النُّوتِيَّةُ يَطْلُبُونَ أَنْ يَهْرُبُوا مِنَ السَّفِينَةِ، وَأَنْزَلُوا الْقَارِبَ إِلَى الْبَحْرِ بِعِلَّةِ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَمُدُّوا مَرَاسِيَ مِنَ الْمُقَدَّمِ، قَالَ بُولُسُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ وَالْعَسْكَرِ:«إِنْ لَمْ يَبْقَ هؤُلاَءِ فِي السَّفِينَةِ فَأَنْتُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْجُوا». حِينَئِذٍ قَطَعَ الْعَسْكَرُ حِبَالَ الْقَارِبِ وَتَرَكُوهُ يَسْقُطُ. وَحَتَّى قَارَبَ أَنْ يَصِيرَ النَّهَارُ كَانَ بُولُسُ يَطْلُبُ إِلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَتَنَاوَلُوا طَعَامًا، قَائِلاً:«هذَا هُوَ الْيَوْمُ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَأَنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ لاَ تَزَالُونَ صَائِمِينَ، وَلَمْ تَأْخُذُوا شَيْئًا. لِذلِكَ أَلْتَمِسُ مِنْكُمْ أَنْ تَتَنَاوَلُوا طَعَامًا، لأَنَّ هذَا يَكُونُ مُفِيدًا لِنَجَاتِكُمْ، لأَنَّهُ لاَ تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ رَأْسِ وَاحِدٍ مِنْكُمْ». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ اللهَ أَمَامَ الْجَمِيعِ، وَكَسَّرَ، وَابْتَدَأَ يَأْكُلُ. فَصَارَ الْجَمِيعُ مَسْرُورِينَ وَأَخَذُوا هُمْ أَيْضًا طَعَامًا.

تخيل أنك في وسط العاصفة، حيث سرعة الريح 27-216 كيلومتر في الساعة وبهذه السرعة تدمر الريح ما يقف في طريقها، وتقتلع الأشجار من جذورها وتهدم المنازل وتطير السيارات. ماذا تفعل أنت في وسط هذه العاصفة القوية؟

 هل الإنسان يستطيع أن يقف أمام العاصفة الشديدة؟ وإذا كان لديك الإيمان الخلاصي في شخص يسوع المسيح، يمكنك الثبات وسط العاصفة عن طريق النقاط التالية:

أولا: من خلال ثبات المسيح

ثانيا: من خلال خدمة الآخرين

ثالثا: من خلال نموك في معرفة الله

أولا: من خلال ثبات المسيح

يقول الكتاب في(أع27: 23) لأَنَّهُ وَقَفَ بِي هذِهِ اللَّيْلَةَ مَلاَكُ الإِلهِ الَّذِي أَنَا لَهُ وَالَّذِي أَعْبُدُهُ. يمكن أن نقول أن بولس كان ثابتاً في المسيح لأننا نجد أن حياته بالكامل لله وحده ويعبده كأسلوب حياة باستمرار وكان له حياة الصلاة، وحياة التكريس ومعرفة كلمة الله، كذلك أرسل الله له ملاكاً في وسط العاصفة ليقول له: « لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ أنا معك».

هل أنت متأكد أن الله يرسل لك ملاكه في العاصفة؟ أو بعبارة أخرى، هل أنت حياتك تمتاز بحياة التكريس والصلاة ومعرفة كلمة الله كما كانت حياة بولس الرسول، إذا كانت حياتك كذلك فهذا يعني أنك ثابت في المسيح. هناك آيات تشجعنا قالها الرب يسوع لنا:

1)      (يو15: 5)لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.

2)      (يو15: 7)إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ.

3)      (يو15: 10) إِنْ حَفِظْتُمْ وَصَايَايَ تَثْبُتُونَ فِي مَحَبَّتِي، كَمَا أَنِّي أَنَا قَدْ حَفِظْتُ وَصَايَا أَبِي وَأَثْبُتُ فِي مَحَبَّتِهِ.  

4)      (يو15: 11) كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ.

فبناءً عليه يمكنك الوقوف بثبات المسيح في وسط العاصفة إن كانت تلك العاصفة هي المشاكل في الحياة والتجارب والصعوبات. الثبات في المسيح يُعني الثبات في العاصفة وقبل العاصفة وبعدها. وإن لم تكن ثابتاً في المسيح قبل العاصفة فلن تستطيع الثبات عندما تأتي العاصفة أو بدون العاصفة لأن وضعك الروحي خطير إذا لم إذا تكن علاقتك مع الله باستمرار.

ماذا يقول شخص الرب يسوع(يو15: 6) إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَثْبُتُ فِيَّ يُطْرَحُ خَارِجًا كَالْغُصْنِ، فَيَجِفُّ وَيَجْمَعُونَهُ وَيَطْرَحُونَهُ فِي النَّارِ، فَيَحْتَرِقُ.

نحن أولاد لله وأيضاً الكنيسة هي جماعة أبناء الله، وإذا تعمل عمل الله فتثنت في الله ، كما أن الغصن لا يقدر أن يأتي بثمر من ذاته ان لم يثبت في الكرمة(4:15)،  فيجب أن تكون شركتنا مع الله الآب مستمرة لأن عدم الشركة مع الله تجعلك أن تجرح نفسك والآخرين في الخدمة. وهذا عكس المؤمن الممتليء بروح الله ، فإن خدمته تبارك الآخرين لأن عمل الله فيه من خلاله. لذلك قال الرب يسوع(يو15: 6)" لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا".

ثانيا: من خلال خدمة الآخرين

يقول الكتاب في(أع27: 42) فَكَانَ رَأْيُ الْعَسْكَرِ أَنْ يَقْتُلُوا الأَسْرَى لِئَلاَّ يَسْبَحَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَيَهْرُبَ. لماذا حاول العسكر أن يقتلوا الأسرى؟ لأنهم كانوا يخافون على حياتهم. وليس مهما لو مات الأسرى. لكن كلمة الله تعلمنا أن خدمة الآخرين تعني أن نضع الآخرين أولا.

والرب يقول لنا في(يو15: 17) بِهذَا أُوصِيكُمْ حَتَّى تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. ويجب على كل واحد فينا أن نستخدم الموهبة المعطاة لنا بقوة الله في خدمة الآخرين سواء في الكنيسة أو المجتمع. وقد مات يسوع كذبيحة نيابة عنا وأيضاً حمل عقاب الخطية عن الآخرين.

عندما نتذكر قصة قايين وأخيه هابيل ماذا قال الرب لقايين؟(تك4: 9أ) «أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟» ماذا كان رد قايين على الرب؟(تك4: 9ب) فَقَالَ: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟» ولكن نجد قول الرب له(تك4: 10) فَقَالَ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ.  

وهذا يعني أن نضحي من أجل فائدة الآخرين ونبارك الآخرين ونبادر أن نحب الآخرين لأن محبتنا للآخرين نتيجة لمحبتنا لله. وننكر ذواتنا من أجل الآخرين. فهذه هي المحبة الإلهية الحقيقة للآخرين. 

هل حصلت على نعمة الله؟ لأن كل مَنْ حصل على نعمة الله يمكن أن يكون معطياً للآخرين غير منتظر الأخذ وبهذه الطريقة نتبارك نحن أيضاً.

ثالثا: من خلال نمو معرفة الله

النمو في التعليم المسيحي يحتاج إلى دعوة تغيير السلوك من القديم إلى الجديد بعد أن تصبح مؤمناً. "الَّذِي أَنَا لَهُ وَالَّذِي أَعْبُدُهُ" هذا يعني أن بولس يعرف من هو الله ويميز صوت الله لأني موقن بمن آمنت" .

نجد في مباريات كرة القدم أن كل الفرق تسعى للوصول الى الدور النهائي، ولكن يصل الفريقان فقط الى الدور النهائي، وكل الفرقة التي تصل الى الدور نهائياً تستمر بالتدريب على أمل الوصول للدور النهائي. وعندما يخسر أحد الفرق مبارياته يتوقف عن التدريب. ولكن إذا كسب المباريات يستمر بالتدريب للمباريات القادمة.

فإذا عندك فرصة للتدريب في وسط العاصفة لا تفشلوا، بل استمر بالتدريب الروحي حتى تنال إكليل الحياة والراحة الأبدية. ونسير في سفينة المسيح. وتتمسك بكلمة الرب حتى ينمو ثمار الإيمان في حياتك. وتهدف هذه الأعداد في النهاية إلى تشجيع المؤمنين المتألمين والتأكيد لهم على الانتصار في نهاية الأمر لهم في المسيح.وعلينا أن نكون قديسين في كل تصرفاتنا لأن الله قدوس.

    اليوم باركنا الرب بكلمته وهذا التحدي أمامنا في تطبيقه في حياتنا ونتذكر ونحن في وسط العاصفة نستطيع أن نثبت من خلال:

أولا، الثبات في المسيح الذي يعطينا القدرة على اتخاذ  القرار الصحيح وسط العاصفة.

ثانيا، الثبات في المسيح وسط العاصفة يجعلك سبب بركة لك وللآخرين.

ثالثا، الثبات في المسيح وسط العاصفة يعمق معرفة الله في حياتك.

فالرب يشددنا ويعضدنا في كل ظروف حياتنا ولإلهنا كل المجد.آمين.



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6