متى تبدأ الحياة الأبدية؟
الدكتور أبو دورام
أحبائي، قد يتردد هذا السؤال الأهم في حياتنا متى تبدأ الحياة الأبدية؟ على الأرض أو في المستقبل؟ تبدأ الحياة الأبدية من على الأرض لما يقبل أي شخص الرب يسوع مخلص حياته، فالحياة الأبدية لها بداية وليس لها نهاية. فمثلا شخص حصل على الخلاص وأصبح مؤمنا في 6/6/2010 وفي هذا التاريخ حصل على حياة أبدية في يوم 10/5/2011، فعل خطية وفكر في نفسه أنه فقد خلاصه وبعد فترة من الزمان مات هذا الشخص ووقف أمام الرب. وسأله الرب: أنت فكرت أنك فقدت خلاصك في اليوم الذي فعلت الخطية ولكن من تاريخ 6/6/2000 كتب اسمك في سفر الحياة.ولك حياة أبدية سواء عشت أيام أو شهور أو سنين.
لذلك دعونا اليوم نقرأ المقطع الكتابي الرائع من(1يو5: 12ـ13) مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ. كَتَبْتُ هذَا إِلَيْكُمْ، أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ، لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلِكَيْ تُؤْمِنُوا بِاسْمِ ابْنِ اللهِ.
الحياة الأبدية هي عطية من الله على مبدأ النعمة وليس على مبدأ العمل. السؤال المهم:"هل يمكن لأي شخص أن يأخذ الحياة الأبدية لمدة سنة واحدة فقط؟ وهل هذه السنة تكون زمن أبدي؟ طبعاً، لا، لأن السنة الواحدة هي زمن محدود ووقتي ويقول الرسول بولس في(2كو4: 14)وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ.
توجد أيضاً رائعة في الكتاب المقدس تتحدث عن موضوع الحياة الأبدية(يو3: 16) لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
وبناء على هذه الآية أن الحياة الأبدية كانت ولا تزال في وقتنا الحاضر، طالما نحن نعيش على الأرض. وهذه الحياة الأبدية معناها أنك من هذا اللحظة أنك تنتمي إلى يسوع المسيح الذي نفسه هو الحياة الأزلي الأبدي.
ولذلك لن تبدأ الحياة الأبدية في الوقت المستقبلي القادم، بل تبدأ هذه الحياة الأبدية في الذين دخلوا في علاقة في المسيح(2كو5: 17) إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا.
يقول الرسول بولس في(2كو5: 17)لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا
فهل تشير "محبة المسيح" في العدد السابق إلى محبته لنا أو محبتنا له؟ هذه المحبة هي محبته هو لنا. ففي الحقيقة أن السبب الوحيد الذي يجعلنا نحبه هو محبته هو لنا أولا. فمحبته تحصرنا أي تحركنا بطريقة منضبطة إلى هدف المسيح المحدد لنا. فبينما كان بولس يتأمل في محبة المسيح له، لم يملك في حياته الا أنه تحرك قلبه بغرض خدمة سيده.
والآية الرائعة(يو3: 36) الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ». وأيضا يقول الكتاب المقدس في(يو5: 24) «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ. وأيضا يقول الرب يسوع في(يو10: 28) وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي.
إذن مَنْ هو الذي أعطانا الحياة الأبدية بمعنى آخر مَنْ هو الشخص الذي وراء هذه العطية؟ هي محبة المسيح وهي التي أعطتنا الحياة الأبدية. فأنا وأنت صرنا مخلصين إلى الأبد وكما الرب في(عب13: 5) «لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ»
وفي(يو 37:6) كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا. وأيضا كل مَنْ يدخل إلى حظيرة يسوع المسيح لا يخرج من الحظيرة بمعنى أنه لا يهلك إلى الأبد(يو 25:10-28)خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي.
أنت قبلت يسوع المسيح مرة واحدة وصرت في المسيح وللمسيح إلى الأبد وعندما مات المسيح لأجل الجميع، كان موته عن الجميع، فعندما مات، فنحن أيضاً متنا مع المسيح لأنه كما أن خطية آدم صارت خطية ذرية آدم، فهكذا موت المسيح عن الخطية صار الموت عن الخطية لكل من يؤمنون به(رو12:5ـ13). ومات لأجلنا بمحبته وقام من الأموات وهو حي في السماء فالذين يؤمنون به لن يهلكوا إلى الأبد.
ثانيا: الله كان في المسيح مصالحاً للعالم
مكتوب في(2كو5: 19) أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. وعندما تقرأ(يو1:3-8)نجد قصة نيقوديموس مع الرب يسوع. فالولادة الجسدية لا تكفي للحصول على الحياة الأبدية. والولادة الجسدية تجعلنا تحت الحكم البشري لأننا جميعا مولودين من الأب والأم وليس لنا الاختيار في هذه الولادة، أما الولادة الروحية هي من فوق فهي تجعلنا موجودين في الحكم الروحي.
وهذه اختيارية تحتاج إلى قرار منك ولابد لنا أن نولد مرة ثانية لكي نعيش حياة روحية ولكي نكون في علاقة مع الله. وهذا يحدث عندما نقبل المسيح في حياتنا. نحن ولدنا بالنفس والجسد في هذا العالم، لكن حينما نطلب من روح الله أن يدخل فينا، فنحصل على الروح القدس ويسكن هذا الروح القدس فينا وبدون هذه الطريقة لا يمكن أن نشارك الله ولا نقدر نختبر وجوده في حياتنا. فنحن خليقة جديدة مولودين من الله في المسيح يسوع، فكل شيء قد تغير.
ولكن البعض عندما يسمع هذه الآية يفكر أنه عندما يحصل الإنسان على الخلاص في المسيح، معناها أن الإنسان يخلص من العادات القديمة والأفكار الشريرة والنظرات الشهوانية، وكل شيء يصبح جديدا بكلمة واحدة في حياة الإنسان، هذا الشيء مش كتابي. فالعدد هذا لا يصف سلوك المؤمن، بل مقامه في المسيح.
لاحظ القول ان كان أحد "في المسيح" هنا كلمتان "في المسيح" هما مفتاح هذه الآية، في المسيح الأشياء العتيقة قد مضت والكل قد صار جديداً ولكن من الموؤسف أنه المشكلة "في أنا" هذا ليس صحيحاً، ولكن الحياة المسيحية تتطلب مني أن أنمو فيها لكي أتقدم وهذا يعطيني الرغبة أن أعمل ما يناسب الطبيعة الجديدة وبالتالي أحافظ على مقامي في المسيح بشكل مستمر وبكل انضباط روحي.
ففي المسيح قامت علاقة جديدة بين الله وبيننا عن طريق الخلاص واتحادنا معه. وهذه العلاقة تجعلنا أن النمو روحيا في شركة مستمرة مع الله وهذه العلاقة تثبت شركتنا مع الله، فيمكن تنقطع الشركة ولكن لا نخسر العلاقة لأن العلاقة ثابتة من اللحظة التي قبلنا الخلاص فيها.
ويمكن نفسر(2كو5: 19) أَيْ إِنَّ اللهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحًا الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ، غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ، وَوَاضِعًا فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ.
أولاً، أن الله كان في المسيح وثانياً، أن المسيح كان في الله، مصالحاً العالم لنفسه، بمعنى أن الله كان يصالح العالم، لكنه كان يفعل ذلك عن طريق شخص الرب يسوع المسيح. وأن الذين قبلوا يسوع مخلص حياتهم يسوع دخل في حياتهم، والآن الدعوة المقدمة من الرب للأشخاص الهالكين الذين يسمعون كلامه الآن، كما قال الرب لنا في(يو5: 24) إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. وكذلك يتجاوب مع دعوة الرب له(أع16: 30ـ31) آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك."
فإذا إذا الهالك تجاوب مع دعوة الرب له هكذا يدخل المسيح إلى حياته. وهذه الاية طبعا تؤكد عل أن الهالك نال الحياة الأبدية وصار ابناً لله" أما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله(يو 12:1) وبعد هذا يسكن الروح القدس المعزي إلى الأبد في حياته" وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد(يو 16:14).
ثالثا: الله صالحنا بغفران كل خطايانا ويجعلنا أبرارا.
فهذه الرسالة التي أمامنا يكتبها بولس الرسول إلى المؤمنين في كورنثوس وهنا من المهم أن بولس لا يطلب إلى الكورنثيين أنفسهم أن يتصالحوا مع الله لأن هؤلاء المؤمنين قد تصالحوا مع الله، ولكنه يطلب منهم أن يكرزوا للذين لم يتصالحوا مع الله. فمتى تتأكد بأنك قوي بالإيمان؟ متى تشعر بأنك تمتليء بالروح القدس؟ متى تختبر بأن الله حي قادر على كل شيء؟ حينما أنت تنادي بالإنجيل للآخرين.
كانت هناك عداوة. لكن هذه العداوة هي من جانب الإنسان. والله رفع الحواجز القائمة بينه وبين الإنسان لاستكمال الشركة، وكذلك الخطايا كلها في الماضي والحاضر والمستقبل قد غفرت تماما. ورفع الله سبب التباعد بينه وبين الإنسان بمعالجة مسألة الخطية، فمن الواضح أن الله لا يحتاج أن يتصالح، بل الإنسان هو الذي يحتاج أن يتصالح مع الله. وبمعنى آخر أن الرب يسوع عالج مشكلة خطايانا بالكامل، لأنه غفر خطايانا في الماضي والحاضر والمستقبل. فجعل الله المسيح خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه، مع أن المسيح لم يعرف ولم يفعل خطية، بل صار لأجلنا خطية. علينا أن نكون حذرين من أية فكرة تقول بأن الرب يسوع المسيح على صليب الجلجثة، صار خاطئا في ذاته،وإن مثل هذه الفكرة خاطئة جدا، فإن خطايانا وضعت "عليه" ، لكنها لم تكن "فيه".
الله جعله ذبيحة خطية بدلاً منا، فإن آمنا به يجعلنا الله أبرارا، لأن كل مطالب الناموس قد وفاها يسوع بديلا عنا بالكامل. ويا له من حق مبارك أن الشخص الذي لم يعرف خطية صار خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه. وهذا البر يؤخذ بالإيمان فقط(رو22:3) بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ فَرْقَ.
وعطية البر لا يمتلكها أي شخص في الحياة إلا عن طريق واحد فقط، هو يسوع المسيح. ومهما غيرت ألسنتنا الفانية لا يمكن أن تعبر عن شكرها لله شكرا كافيا على هذه النعمة غير المحدودة التي أعطانا إياها الله في المسيح يسوع وتقول الآية في سفر(رؤ3: 10)لأَنَّكَ حَفِظْتَ كَلِمَةَ صَبْرِي، أَنَا أَيْضًا سَأَحْفَظُكَ مِنْ سَاعَةِ التَّجْرِبَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ لِتُجَرِّبَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ.