كيف نعبد الرب؟
الدكتور أبو دورام
سلام ونعمة من الرب يسوع المسيح الإله الحي المقام من بين الأموات لكنيسته التي تجتاز الصعوبات والضيقات على الأرض وهو قال: أبواب الجحيم لن تقوى عليها، أبواب الجحيم لن تقوى عليها، هللويا. فهذا الإله العجيب والفريد مستحق كل العبادة والسجود من كل القلب وفي كل وقت من أوقات حياتنا.
أعتبره امتياز من الرب عندما يستخدمني في الوعظ، وخاصة عندما أُوجد في كنيسة المسيح في أي مكان، ولما أفكر في الوعظ دائما أسأل نفسي عدة أسئلة. هل وعظي كان نافعاً ومؤثراً، بمعنى هل استفاد منه شعب الرب؟ هل كان وعظي مضرم بنار الروح القدس؟ هل الوعظ كان فيه بناء الجسر بين الزمن الكتابي الماضي والزمن الحاضر اليوم؟ وهل هذا شيء أثر في العالم الذي نعيش فيه الآن؟
دعونا في هذا اليوم الرائع أن نقرأ المقطع الكتابي من إنجيل(مت21: 12ـ17)لكي نرى ماذا يقول لنا الرب اليوم؟
وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ وَقَالَ لَهُمْ:«مَكْتُوبٌ: بَيْتِــي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!» وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ. فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِــي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ:«أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ!»، غَضِبُوا وَقَالُوا لَهُ:«أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ؟» فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:«نَعَمْ! أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟». ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَخَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَبَاتَ هُنَاكَ.
نجد في هذا الموقع عدة أسئلة وهي:
1) مَنْ هو الذي دخل إلى هيكل الرب؟
2) مَا الذي أخرجه يسوع مَن الهيكل؟
3) ماذا فعل يسوع في الهيكل؟
4) ماذا قال يسوع لهم؟
هل ما زال الحق الإلهي يعمل فينا لكي يقودنا إلى النمو الروحي؟ أم مازال هناك الكثير من المتدينين مثل الكتبة ورؤساء الكهنة الذين يعرفون الحق ولكن لا يقبلون الحق؟
يقول الكتاب المقدس في سفر(جا5: 15) فَالاسْتِمَاعُ أَقْرَبُ مِنْ تَقْدِيمِ ذَبِيحَةِ الْجُهَّالِ. وموضوعنا اليوم بنعمة المسيح تحت عنوان{كيف نعبد الرب؟}
ولكن قبلما نأتي إلى موضوع العبادة أريد أن أسأل سؤالا "من هو الرب؟ هو ملك الملوك ورب الأرباب والمخلص والمحب والديان والقادر على كل شيء وخالق السماء والأرض.
اذن مَنْ هو الرب بالنسبة لنا؟ هو أبونا السماوي. هل ترنمون مثلما مكتوب في سفر(الرؤيا5: 9ـ10) وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ:«مُسْتَحِق أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا ِللهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ، وَجَعَلْتَنَا لإِلهِنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً، فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ». وأيضاً(رؤ5: 13) وَكُلُّ خَلِيقَةٍ مِمَّا فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ وَتَحْتَ الأَرْضِ، وَمَا عَلَى الْبَحْرِ، كُلُّ مَا فِيهَا، سَمِعْتُهَا قَائِلَةً:«لِلْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ الْبَرَكَةُ وَالْكَرَامَةُ وَالْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ».
من هو الرب يسوع بالنسبة للكتبة ورؤساء الكهنة؟ أو السؤال بطريقة أخرى مَنْ هو صاحب الهيكل في أيام يسوع؟
في نهاية امتحانات التوجيهي(امتحانات الثانوية العامة)عندما تُعلن نتائج الامتحانات فالكثير من الناس يفرحون بأولادهم الذين نجحوا، والطلبة يفرحون بسبب النجاح والدخول إلى الجامعة، ونحن في هذا اليوم، لابد أن نفرح لماذا نحن نفرح؟ لأن الرب يسوع أشترانا بدمه وخلصنا من كل خطايانا.
ويسوع قد قام من الأموات وصعد إلى السماوات وهو الآن جالس في يمين الله، ونحن جالسون معه، أنت موجود الآن أمام الرب وترنم ترنيمة وتفرح به هو. فالسؤال مَنْ هو الذي يفرح اليوم أمام الرب؟ كل من قام مع يسوع المسيح ونال غفران خطاياه.
ولكن دعونا نأتي إلى الأسئلة التي طرحناها سابقاً وهي:
أولا، مَنْ هو صاحب الهيكل؟
في النص قرأناه يوجد مفتاح الموضوع الذي نتحدث فيه وهو موجود في(العدد16) مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟». وهذا الكلمات موجودة في(مز8: 3)، ولكن لماذا يقتبس يسوع هذه الكلمات في هذا الموضوع؟
نعلم أن موضوع دخول يسوع إلى أورشليم وتطهير الهيكل هو مذكور في الأناجيل الأربعة، على سبيل المثال مذكور في إنجيل يوحنا، وأما التطهير الثاني للهيكل في نهاية خدمة الرب يسوع موجود في(مت21؛ مر11؛ لو19). لماذا موضوع تطهير الهيكل في الأناجيل الأربعة؟هل فكرت هذا السؤال؟لأن هذا الموضوع مهم جداً لأن يسوع يطلب أن نتغير، وأيضاً يسوع يهتم بموضوع العبادة، ولأن الغرض الأساسي لزيارة الهيكل هو العبادة.
لذلك لا نتعجب عندما نقرأ عن غضب يسوع في هذا الموضوع! ويقول(يو2: 17) «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي» وهذا يعني أن غيرة الرب كالنار الآكلة فيما يخص أمور الله، وحرصه الشديد على ضرورة عبادة الله بحياة الطهارة.
هل كان هناك عبادة حقيقية عند الكتبة والفريسيين ورؤساء الكهنة وباعة الحمام والصيارفة. والسؤال لك، هل عبادتك هي أسلوب الحياة؟ العبادة الحية أمام الرب دليل على أن الكنيسة لها حياة وفيها النمو الروحي. فالكنيسة الحية في العبادة هي حية أمام الله. العبادة هي محبة الله والثبات فيه وخدمته. هل تعترف باستحقاق الله بأساليب مرضية؟
هل حياتك تغيرت بحسب كلمة الله؟ هل تغيرت الكنيسة من خلالك؟ أنا لا أقصد الراعي لأن الراعي جزء من الكنيسة ولكن أقول لكل المؤمنين والمؤمنات. هل الله يهتم بالمبنى أكثر من الأفراد؟ هل المؤمنون يقدسون المكان أم المكان يقدس المؤمنين؟ مَنْ هو المبنى في نظر الله؟ المبنى الحي في نظر الله، هو المؤمنين والمؤمنات بحسب(1بط 5:2) كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ بَيْتًا رُوحِيًّا، كَهَنُوتًا مُقَدَّسًا، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. فنحن هيكل الله الذي يسكن فيه الروح القدس.
وتوجد المباني الفاخرة ولكن عابديها قلوبهم مظلمة وتوجد المباني الفقيرة ولكن أصحابها أغنياء في حياة الشركة مع الرب يسوع. لست ضد المباني الفاخرة بل أنا ضد الحياة الميتة(مت1:24) ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَمَضَى مِنَ الْهَيْكَلِ، فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ لِكَيْ يُرُوهُ أَبْنِيَةَ الْهَيْكَلِ.
ثانيا، ماذا يوجد داخل الهيكل؟
مذا كان يوجد في ساحة الأمم في الهيكل؟ كما نعرف أن للهيكل عدة أقسام وهي: قدس الأقدس، ومكان العبادة لرجال اليهود، ومكان خاص للنساء اليهوديات، والساحة الخارجية للأمم. وتُسمى الدار الخارجية في الهيكل. كانت منطقة الهيكل تزدحم دائما في الفصح بآلاف الناس. وكان رؤساء اليهود يتسببون في المزيد من الازدحام بسماحهم للصيارفة والتجار والباعة بإقامة أماكن لتجارتهم داخل رواق الأمم بالهيكل.
من المفروض أن نرى العابدين والقادمين من كل الأماكن لكي يعبدوا الرب، ولكن نرى العكس. وهم أصحاب رؤوس الأموال، للأسف، رؤساء الكهنة المستغلين، الهيكل، باعة الحمام والصيارفة ـ هؤلاء ماذا كانوا يعملون؟ يبيعون ويشترون ويغيرون العملة فهؤلاء الناس غيروا نظرة العابدين من عبادة الرب والأشواق القلبية الملتهبة نحو الله إلى التجارة والشراء وصرف العملة.
ثالثا: ماذا سرقوا من الهيكل؟
نحن نعلم أن الرب يسوع مع أنه هو صاحب الهيكل ولكنه لم يتجاوز قانون الله على الأرض، ولم يدخل إلى القدس، ولا إلى قدس الأقداس، بل كان في الدار الخارجية.عمله هو تطهير الهيكل وهومتواضع في العبادة. وهكذا يكون الآخرون أولين والأولون آخرين(مت 16:20)
إن بيت الله هو للصلاة، ولكن تغير بيت الصلاة إلى التجارة ولم تكن مهمة يسوع في حل مشكلة ارتفاع الأسعار داخل الهيكل أكثر مما تحويل البيت من الصلاة إلى التجارة وهؤلاء اللصوص ليسوا اللصوص في سرقة الأموال من الناس والربح الكثير، بل اللصوص سرقوا مكانة الله. فهذه هي خطيتهم ونحن اليوم إذا كنا نحول نظر الناس عن الله نعمل نفس الخطية. وإذا كنا نحول أنظار الناس إلى النظر لله فنحن نعمل عمل الميسح في تطهير الهيكل.
إذن مَنْ هو اللص؟ هو كل مَن يسرق حق الله من المؤمنين والمؤمنات. مَنْ هو الذي يعبد الرب؟ في الهيكل يسوع دخل. أمامنا نوعان من الناس:
(1) رؤساء الكهنة والكتبة (2) فئة الأطفال وتلاميذ يسوع .
(1) رؤساء الكهنة، كانوا في الهيكل ويخدمون في الهيكل ولكنهم لم يعرفوا مَنْ هو صاحب الهيكل. يسوع كان أمامهم، وهم لا يعرفونه. تخيل معي رئيس الكهنة، الطول والشكل واللحية الطويلة والمعرفة الكثيرة والثياب البراقة.ولكنهم كانوا مظهر بلا جوهر. ذئاب في ثياب الحملان. كانوا يتكلمون مثل الحمل ولكن طبيعتهم وحشية، تحب القتل والبغضة، فهل نحن نرتدي ثياب رؤساء الكهنة أم نحن نلبس يسوع المسيح.
(2) الأطفال وتلاميذ يسوع، الرب يسوع طلب منا أن نصير مثل الأطفال. الطفل يحمل في داخله البساطة. ويضحك وإن كان في بعض الوقت يحزن، الطفل يطيع أباه وأمه، الطفل يثق في أبيه وأمه، الطفل يحب أباه وأمه. اليوم الرب يريدنا أن نكون أطفالا في القلب وليس في الإيمان. فهل نحن نحمل قلب يسوع الطفل الذي حمله الشيخ الكبير سمعان، كان يسوع في طفولته يشع بالنور. عندما التقى برؤساء الكهنة في الهيكل، كان يسأل ويتعلم، مع أنه هو المعلم. ولكن لكي يعطينا درسا رائعاً لحياتنا(مت 29:11) اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.
الله لا يبحث عن المظهر ولكنه يحب الجوهر، فنحن اليوم لؤلؤة كثيرة الثمن أمام الله، إذن كيف نعبد الرب؟
v أن نطهر قلوبنا الآن من كل خطية لأن الله قدوس.
v أن نعيش بالتواضع أمامه فهو يحب المتواضعين.
v أن يكون لدينا قلب الطفل أمام الرب.
آمين