عدم المبالاة الروحية
الدكتور أبو دورام
كلنا نعرف أو نحتفل بعيد الميلاد المجيد وهو عيد سنوي نلبس فيه الجديد من الملابس ونأكل فيه أنواع مختلفة من الحلويات ونقوم بتزيين المنازل بشجرة عيد الميلاد وبعض الزينة. ولذلك المظهر الخارجي للعيد يدل على الفرح وعمق المعنى.
هل أنت فرحان في داخلك؟ هل يعني لك عيد الميلاد أكثر من الشكليات. نحن نأتي إلى الكنيسة كل أسبوع. فهل نعيش الحياة الروحية المطلوبة منا أم ما زلنا نعيش في عدم مبالاة روحية؟ لأن عدم المبالاة الروحية هي حياة يكرها الرب فقد تكون دلالة على انعدام الشركة اليومية في مسيرتنا مع شخص الرب.
تعالوا بنا نقرأ من كلمة الرب الرائعة لهذا اليوم من(رؤ3: 14ـ22) وهي كلمات تخص كنيسة لادوكية وقد تكون هذه الكلمات رسالة لنا:
وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ:«هذَا يَقُولُهُ الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ: أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا! هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي. لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ. أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَابًا بِيضًا لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَيْ تُبْصِرَ. كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ. هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي. مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ. مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ».
إذا نظرنا الى كنيسة اللاودكيين، فإننا نجد عندها عدم مبالاة روحية واضحة في الأمور التالية:
1) كنيسة ليست باردة ولا حارة بل هي مريضة روحياً بمعنى فاترة(عدد15).
2) كنيسة عندها الاكتفاء والإتكال على الأمور المادية فقط(17)ومعناه أنها كنيسة فقيرة روحياً.
الخلفية التاريخية توضح لنا أن مدينة لاودكية كانت تحصل على المياه من مدينة هيرابولس وكانت تأتي مياه حارة. وعندما تصل المياه إلى مدينة لاودكية تكون فاترة. ما هي مشكلة المياه الفاترة؟ كان أهل لاودكية يشربون الماء بارداً أو حاراً، ولا يشربون المياه الفاترة وكذلك الرب يسوع لا يحب أن تكون هذه الكنيسة أن تكون فاترة، ولذلك فالرب مزمع أن يتقيأها من فمه(16:3) هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي..
وأيضاً أهل لاودكية كانوا يكتفيين بالأمور المادية فقط، ولذلك جعلهم فقراء روحيا، لذلك يقول الرب(18) أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِيَ، وَثِيَابًا بِيضًا لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَيْ تُبْصِرَ.
بما أن كنيسة اللاودكيين كانت مكتفية ومتكلة على الأمور المادية فقط، أصبحت فقيرة روحيا، ولذلك عرض عليهم الرب ثلاثة أمور:
1. أن يشتروا ذهباً مُصَفًّى بِالنَّارِ. والذهب المصفى بالنار يشير إلى التمجيد الذي يعود إلى الله وبالتالي يشير إلى أنهم يكونوا أغنياء روحياً.
2. أن يلبسوا ثياباً بيضاً. وفكرة الثياب تعني الغطاء الروحي ببر المسيح، والثياب البيض تشير إلى حياة النقاوة والطهارة الروحية.
3. أن يكحلوا أعينهم. وكحل العينين يعني شفاء العيون لأن الكحل به مادة تجعل العيون تبصر جيداً، ويشير إلى أن يكون عندهم البصيرة الروحية ليعرفوا مقاصد الله لنعرف مقاصد الله، فالمسيح يوبخنا ويؤدبنا لأنه يحبنا حتى يكون لنا غيرة روحية ونتوب عن كل ما هو جسدي.
فالسؤال المهم الآن، ما هي حالتك الروحية اليوم؟ هل أنت مع المسيح في الشركة أم شركتك الروحية مقطوعة مع المسيح؟ أنه يدعونا اليوم ويقول لنا في(عدد20):"هنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ".
ومَنْ يفتح باب قلبه ليدخل المسيح، فسوف يتمتع بوعود المسيح له، والوعود هي أن يجلس معه على العرش ويشارك في نصرته. مرة أخرى يدعونا الرب أن نسمع صوت الروح القدس كما ذكر في(عدد22) مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ».
يا أحبائي، إذا قرأنا كل مِن الأصحاحات الأول والثاني والثالث الاولى نجد أن الرسائل الى الكنائس السبعة تخاطب كنائسنا اليوم أيضاً، لأننا نواجه نفس المشاكل مثل:
1) فقدان المحبة الاولى(4:2) لكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ: أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى.
2) والخوف من الآلام ولاضطهادات(10:2) لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضًا مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيْقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ.
3) والارتداد عن العقائد السالمة (14:2-15) والانحراف (الفساد)الأخلاقي والفتور الروحي. وَلكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ: أَنَّ عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِيَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا. هكَذَا عِنْدَكَ أَنْتَ أَيْضًا قَوْمٌ مُتَمَسِّكُونَ بِتَعْلِيمِ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّذِي أُبْغِضُهُ.
وعلينا أن ننتبه في هذه الرسائل، فهي كلمات من الرب يسوع المسيح شخصياً للكنائس السبعة ولكنائسنا اليوم أيضاً. وهي تعتبر آخر تحذير لنا قبل مجيه الثاني فنسمع ونعمل بالكلمة.
لقد تأملنا معكم بعض الدروس التي نتعلمها من كنيسة لاودكية فهي التالية:
1. اللامبالاة الروحية هو شيء غير محبوب لدى الرب وقد تكون دلالة على انعدام الشركة اليومية مع شخص الرب.
2. فالغنى الحقيقي ليس في المال الذي نحن وكلاء عليه، لكن في الحياة الأبدية التي لنا من الرب.
3. المسيح يرغب في الشركة مع المؤمن، ولكنه لا يجبر أحدا بأن يفتح له عن اضطرار بل عن اختيار.