الراحة والتقديس
(تك 1:2-3)
الدكتور أبو دورام
سلام الرب لكم في هذا اليوم، أنا أشعر معكم في كل ظروفكم الصعبة ولكن الرب يعزي قلوبنا في وسط هذه الظروف، أتذكر رحلتي إلى كوريا لما زرت كنيستي الأم التي تعرفت فيها على يسوع المسيح مخلص لحياتي. وقمت بعدة وعظات في كوريا، وطلب مني راعي كنيستي عندما أرجع إلى كوريا مرة أخرى أن أعظ في النهضة الروحية في كنيستي.
يا أحبائي مرات كثيرة نحتاج إلى وقت للأحتفال والتمتع بما قم به. ووقت الأحتفال هذا هو وقت للراحة لكي نتأمل فيه بعد العمل. وتعالوا بنا اليوم لكي نقرأ من كلمة الرب الحية التي تشبع قلوبنا ونقرأ من سفر(تك2: 1ـ3)
فَأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا.
هذا الإصحاح يوضح بالتفصيل ما فعله الرب الإله في الإصحاح الأول، وأيضاً أن الله أكمل عمل الخليقة وميزها بالراحة والتقديس.
وهذه الأعداد الصغيرة تحمل معاني كبيرة في نظر الله، لماذا؟ أولاً الله ميز راحته باحتفال في كمال خليقته وفي كمال عمله. فالآية في(2: 1)تركز على توقف الله في الخلق مع أننا نقرأ الكلمة : استراحة أو راحة.
لكن كلمة " فَاسْتَرَاحَ" في العبري "اشبوت" بمعنى التوقف أو انقطاع أكثر من كلمة "الراحة"، والسبب يوضح لنا الكتاب أن الله لم يتعب حتى يستريح، ولكنه يتمتع بانجازه ويحتفل في كماله. الله أراد أن يحتفل بخليقته وأراد أن يشبع من صنع يديه. ماذا قال الكتاب المقدس؟ كل نسمة فتسبح الرب. تخيل معي. النملة الصغيرة والحيوان الكبير والأشجار العالية تعلن بالتسبيح لله.
إن كانت هذه جزء من الخليقة فمَنْ هو الذي يمثل كل الخليقة؟ أنا وأنت وأنت ، لا بد أن نسبح الرب.
كما نحن نعرف في هذه الأيام بعد أسبوع كامل من التعب الشديد، نسمع واحد يقول اليوم أنا عندي إجازة أو عطلة، لماذا؟ هو في الحقيقة لكي يستريح من العمل ولكن في واقع الأمر هو يتمتع لأنه أتم عمله أو أنجزه بالكامل.
نرى العهد الجديد يستخدم المفهوم " الراحة" بالمعنى الروحي. فالمؤمن يتوقف عن كل تعبه لكي يدخل إلى الراحة. دعونا نتذكر ما قاله الرب في هذا المقطع من(عب4: 1ـ9).
تقول كلمة الرب في(العدد5، 6) وَفِي هذَا أَيْضًا:«لَنْ يَدْخُلُوا رَاحَتِي». فَإِذْ بَقِيَ أَنَّ قَوْمًا يَدْخُلُونَهَا، وَالَّذِينَ بُشِّرُوا أَوَّلاً لَمْ يَدْخُلُوا لِسَبَبِ الْعِصْيَانِ. نحن نعرف خلفية هذا النص التاريخية أنها تتكلم عن شعب الله القديم والراحة هي دخول أرض كنعان، أرض تفيض لبناً وعسلاً.
ويقول أيضاً في(العدد9) إِذًا بَقِيَتْ رَاحَةٌ لِشَعْبِ اللهِ! لأَنَّ الَّذِي دَخَلَ رَاحَتَهُ اسْتَرَاحَ هُوَ أَيْضًا مِنْ أَعْمَالِهِ، كَمَا اللهُ مِنْ أَعْمَالِهِ.
كيف نحن ندخل إلى راحته؟ بيسوع المسيح الذي فيه الخلاص من الخطية والخلاص من الدينونة ونوال البركات سواء على الأرض أو في السماء. فالموضوع يا أحبائي يحتاج أن نحتفل ونفرح في يسوع، لأن الخليقة تمجده ولا يحتاج إلى المجد من أحد لأنه ممجد من الأزل الى الأبد.
ولكن نحتاج أن نتأمل في صليب يسوع المسيح ربنا الذي بدونه لا نقدر أن ندخل إلى راحة الله. يسوع المسيح صالحنا بالصليب فالآن بقي علينا أن نتصالح نحن مع الله لكي ندخل إلى راحته. ماذا يقول بولس عن هذا الموضو؟(2كو5: 17) إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا. ماذا نتعلم من هذه الآية أنت في المسيح خليقة جديدة تمجده. نتذكر يا أحبائي أن الله ميز راحته في كمال خليقته وفي كمال عمله.
ثانياً، الله ميز راحته بالتقديس.
عندما خلق الله كل شيء، كان هناك القداسة والبراءة وهذا قبل الخطية لأن الله خلق كل شيء لمجده. فالله قدوس، وعندما يصنع شيئا، فالشيء يتقدس. تعالوا بنا إلى النص في(تك2: 2) وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ.
يا أحبائي، الله لم يتوقف فقط عن العمل بل وضحنا سابقا أنه احتفل في كمال عمله وأيضا قدس اليوم ليكون له. وهنا كلمة "قدس" بالارتباط مع كلمة "الراحة". أن شعب اسرائيل فهموا الكلمة أنه لابد أن يكون هذا اليوم منفصل من أيام الأسبوع للعبادة والخدمة لله. لا مجرد الاستراحة والتمتع. وهذا لكي يذكرهم الله بأنه هو خالق وهم شعب مقدس له. وهذا اليوم هو يوم مخصص للعبادة لله. وهذه تأتي نقطة مهمة لكل من يريد أن يتمتع بالراحة، عليه أن يخصص كل أيام في سلوكه وفي أعماله أن ينفصل عن أعمال العالم التي تصدر منه كل يوم. فالله في هذا اليوم يريدنا أخوتي وأخواتي أن لا نميز يوم عن يوم بل كل الأيام نقدسها للرب.
الرسول بولس عالج هذه المشكلة أنه يوجد أناس يميزون يوم عن يوم وهذا غير كتابي فهل أنا أتقدس في يوم الأحد فقط؟ وباقي الأسبوع أعيش بالخطية، كلا. يوم الأحد هو يوم القيامة من الأموات والانتصار على قوات الجحيم وبالتالي هذا يعطيني دافع قوي في حياتي أن أخصص باقي أسبوع للرب.
فالمؤمن يدخل الى راحة الرب من أعماله عندما يباشر حياة القداسة أمام الله. الله بكلمته القوية خلق وفدى وقدس شعبه الذي نحن هو.
فطاعتنا للكلمة المكتوبة التي هي الكتاب المقدس هو برهان لاطاعتنا للكلمة الحية يسوع المسيح، ماذا قال؟ من يحبني يحفظ وصايا .يسوع يبررنا وكلمة الله تقدسنا أمين.