{{التكريس الحقيقي للرب}}
الدكتور أبو دورام
سلام ونعمة يا أحبائي من الإله الحي والقدير شخص الرب يسوع يكون معكم ويحفظم في وسط العاصفة لأنه وعد أن ينجينا ويكون معنا طوال الطريق، وهو لنا أمين حتى لو كنا غير أمناء لا يقدر أن يُنكر نفسه. فهو يريدنا دائماً أن نكرس القلب والكيان لشخصه لأنه يستحق فهو قدم حياته لأجلنا ذبيحة على الصليب لنكون فيه وبه وله إلى الأبد.
دعونا اليوم نقرأ المقطع الكتابي الرائع من كلمة الله الحية المغيرة والنافعة لنا في كل حين من سفر(صَفَنْيَا3: 9ــ20)
لأَنِّي حِينَئِذٍ أُحَوِّلُ الشُّعُوبَ إِلَى شَفَةٍ نَقِيَّةٍ، لِيَدْعُوا كُلُّهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ، لِيَعْبُدُوهُ بِكَتِفٍ وَاحِدَةٍ. مِنْ عَبْرِ أَنْهَارِ كُوشٍ الْمُتَضَرِّعُونَ إِلَيَّ، مُتَبَدِّدِيَّ، يُقَدِّمُونَ تَقْدِمَتِي.
فِي ذلِكَ الْيَوْمِ لاَ تَخْزَيْنَ مِنْ كُلِّ أَعْمَالِكِ الَّتِي تَعَدَّيْتِ بِهَا عَلَيَّ. لأَنِّي حِينَئِذٍ أَنْزِعُ مِنْ وَسَطِكِ مُبْتَهِجِي كِبْرِيَائِكِ، وَلَنْ تَعُودِي بَعْدُ إِلَى التَّكَبُّرِ فِي جَبَلِ قُدْسِي. وَأُبْقِي فِي وَسَطِكِ شَعْبًا بَائِسًا وَمِسْكِينًا، فَيَتَوَكَّلُونَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ. بَقِيَّةُ إِسْرَائِيلَ لاَ يَفْعَلُونَ إِثْمًا، وَلاَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْكَذِبِ، وَلاَ يُوجَدُ فِي أَفْوَاهِهِمْ لِسَانُ غِشٍّ، لأَنَّهُمْ يَرْعَوْنَ وَيَرْبُضُونَ وَلاَ مُخِيفَ». تَرَنَّمِي يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ! اهْتُفْ يَا إِسْرَائِيلُ! افْرَحِي وَابْتَهِجِي بِكُلِّ قَلْبِكِ يَا ابْنَةَ أُورُشَلِيمَ! قَدْ نَزَعَ الرَّبُّ الأَقْضِيَةَ عَلَيْكِ، أَزَالَ عَدُوَّكِ. مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الرَّبُّ فِي وَسَطِكِ. لاَ تَنْظُرِينَ بَعْدُ شَرًّا. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يُقَالُ لأُورُشَلِيمَ: «لاَ تَخَافِي يَا صِهْيَوْنُ. لاَ تَرْتَخِ يَدَاكِ. الرَّبُّ إِلهُكِ فِي وَسَطِكِ جَبَّارٌ. يُخَلِّصُ. يَبْتَهِجُ بِكِ فَرَحًا. يَسْكُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. يَبْتَهِجُ بِكِ بِتَرَنُّمٍ».«أَجْمَعُ الْمَحْزُونِينَ عَلَى الْمَوْسِمِ. كَانُوا مِنْكِ. حَامِلِينَ عَلَيْهَا الْعَارَ. هأَنَذَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أُعَامِلُ كُلَّ مُذَلِّلِيكِ، وَأُخَلِّصُ الظَّالِعَةَ، وَأَجْمَعُ الْمَنْفِيَّةَ، وَأَجْعَلُهُمْ تَسْبِيحَةً وَاسْمًا فِي كُلِّ أَرْضِ خِزْيِهِمْ، فِي الْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ آتِي بِكُمْ وَفِي وَقْتِ جَمْعِي إِيَّاكُمْ. لأَنِّي أُصَيِّرُكُمُ اسْمًا وَتَسْبِيحَةً فِي شُعُوبِ الأَرْضِ كُلِّهَا، حِينَ أَرُدُّ مَسْبِيِّيكُمْ قُدَّامَ أَعْيُنِكُمْ، قَالَ الرَّبُّ».
أريد أن أقول بعض الملاحظات البسيطة عن سفر صَفَنْيَا
كتب هذا السفر بعد الإصلاحات العظيمة(622 ق م) على يد الملك يوشيا ملك يهوذا. وقد كان صَفَنْيَا معاصرا لإرميا لأن إرميا بدأ خدمته في 627 ق م. وفي أيام ملك يوشيا تم العثور على كتب الشريعة في الهيكل سنة 622 ق م، وهذا الملك كان تقياً بينما الشعب كانوا في حالة روحية شريرة. وإذا كنا نريد أن نعرف أكثر عن الملك يوشيا فنجده في(2أخ34)، ورغم عمره كان ثماني سنوات عندما كان ملكا، ولكنه وضع في قلبه أن يقوم بنهضة روحية في الشعب. وقد ساعد صَفَنْيَا في هذه النهضة وهي تطهير الشعب من العبادة الوثنية والرجوع إلى الإله الحي. ولكن بالرغم من أن هذه النهضة أتت بالشعب من جديد إلى الله ولكن ليس بطريقة عميقة، إلا أنها لم تستأصل عبادة الأوثان تماماً(أر5:19).
وقد استمرت هذه المملكة لوقت قصير فقط. فبعد ذلك بحوالي اثنتي عشرة سنة، قامت بابل بالإستيلاء على يهوذا وأخذت الشعب إلى السبي. وفي وقت صَفَنْيَا أعلن الله تدمير البلدان المجاورة ليهوذا التي تعبد الأوثان. الله إله كل الشعوب وهو عادل ولا يهمل خطايا الشعوب الأخرى.
وابتدأ يوشيا الملك يطهر يهوذا وأورشليم وقام بإصلاحات دينية، وكان عمره 28 سنة. ولكن لم يسمع الناس له بسبب شرورهم. ولم يرجعوا إلى الله. ورفضوا الاستماع لتحذيرات الله، ورفضوا أن يتوبوا.
يا أحبائي الدرس الروحي من هذا الموقف هو"إن لم نطيع الرب في الحال أو الآن، فقد تتقسى قلوبنا قدامه، حتى لدرجة أننا نفقد أشواقنا إلى الله الآب، فكل مَنْ يطيع الرب سيبارك أما الأشرار فيعاقبون.
فالسؤال كيف نعرف الشخص المكرس للرب؟ هل نتذكر كلمات الرب يسوع عندما:"مِن ثِمارهم تعرفونهم، الشجرة الجيدة تصنع ثمارا جيدة، والشجرة الرديئة تصنع ثمارا رديئة.
اليوم بنعمة الرب سوف نذكر بعض الصفات التي من خلالها نعرف أن هذا الشخص هو مكرس للرب.
ماهي صفات الشخص المكرس لله؟
1) هو شخص يعطي أولويته أولاً للرب، وهذا نجده في دعوة الرب للشعب(صف2: 3)أُطْلُبُوا الرَّبَّ، يَا جَمِيعَ بَائِسِي الأَرْضِ الَّذِينَ فَعَلُوا حُكْمَهُ. اطْلُبُوا الْبِرَّ. وأيضا الرب يسوع عندما قال للناموسي(مت22: 33) فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ.
2) هو شخص لديه صفة التواضع(صف3: 12) وَأُبْقِي فِي وَسَطِكِ شَعْبًا بَائِسًا وَمِسْكِينًا، فَيَتَوَكَّلُونَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ. ما معنى كلمة "متواضع"؟ يقبل التعليم، ويعمل لمجد الرب، وليس في حياته كبرياء....عندما يعلمنا الله فيجب علينا أن نتعلم منه. لأنه إذا لم نتعلم الدرس فالرب لابد أن يستخدم طرق أخرى لكي يعلمنا من خلالها، فالرب لا يريدنا أن نعاني من عدم تعلمنا أي بطاعتنا للرب. فكن قابلاً للتعليم ولا تكن بعيداً". وكذلك توجد آية رائعة تتحدث عن التواضع(1بط5: 5) لأَنَّ:«اللهَ يُقَاوِمُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً». هل تريد في هذا اليوم نعمة من الله لكي ترفعك. عليك بالتواضع. إن كنت شخصاً مكرساً حقيقياً للرب، فأنت تعطي للرب الأولوية الأولى في حياتك. وأنت شخص متواضع وتعطي المجد للرب.
3) هو شخص لا يتكل على أمور هذا العالم(صف1: 18) لاَ فِضَّتُهُمْ وَلاَ ذَهَبُهُمْ يَسْتَطِيعُ إِنْقَاذَهُمْ في يَوْمِ غَضَبِ الرَّبِّ، بَلْ بِنَارِ غَيْرَتِهِ تُؤْكَلُ الأَرْضُ كُلُّهَا، لأَنَّهُ يَصْنَعُ فَنَاءً بَاغِتًا لِكُلِّ سُكَّانِ الأَرْضِ». الشخص المكرس لا يضع ثقته في المال والثروة والأمال العالمية بل يضع كل ثقته في شخص الرب. ونأتي إلى السؤال. هل المال خطية؟ لا . هل لو أنا مؤمن شرط أن أكون فقيرا لكي أكون شخصا مكرسا؟ لا، المال ليس خطية ولكن محبة المال هي الخطية. الرب يريد أن كل أولاده في كل المكان أن يتمتعوا بالحياة الأفضل. وهذا ما نجده في(صف1: 18) لاَ فِضَّتُهُمْ وَلاَ ذَهَبُهُمْ يَسْتَطِيعُ إِنْقَاذَهُمْ في يَوْمِ غَضَبِ الرَّبِّ، بَلْ بِنَارِ غَيْرَتِهِ تُؤْكَلُ الأَرْضُ كُلُّهَا، لأَنَّهُ يَصْنَعُ فَنَاءً بَاغِتًا لِكُلِّ سُكَّانِ الأَرْضِ». وأيضاً قال شخص الرب يسوع هذه الكلمات الرائعة في(مت16: 26) لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟
4) الشخص المكرس يمتاز باللطف هو مع الآخرين،(صف3: 13) بَقِيَّةُ إِسْرَائِيلَ لاَ يَفْعَلُونَ إِثْمًا، وَلاَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْكَذِبِ، وَلاَ يُوجَدُ فِي أَفْوَاهِهِمْ لِسَانُ غِشٍّ، لأَنَّهُمْ يَرْعَوْنَ وَيَرْبُضُونَ وَلاَ مُخِيفَ». والمقصود بكلمة"لطيف" شخص لسانه دافىء شخص كلماته رقيقة لا يجرح الآخرين في كلماته ولا يسيء للآخرين، شخص لا يكذب على الآخرين. وأيضاً يذكر في سفر(تث30: 6) وَيَخْتِنُ الرَّبُّ إِلهُكَ قَلْبَكَ وَقَلْبَ نَسْلِكَ، لِكَيْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ لِتَحْيَا. يوضح هذه الفكرة أن الشخص المكرس يختبر الحياة الفضلى من خلال تعامله مع الآخرين. ماذا يقول النص؟ فكلمة "وَيَخْتِنُ الرَّبُّ إِلهُكَ قَلْبَكَ" لماذا يختن الرب القلب؟ الجواب" لِكَيْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ لِتَحْيَا". فالذي يحب الرب هو شخص يحيا للرب لأنه أصبح من شعب الرب يحمل قلب نقي جديد وبالتالي هو يطيع الرب في كل شيء.
يا أحبائي، نأتي للسؤال الهام وهوكيف يكافيء الرب الاسان المكرس؟
أولا، يكافيء بالفرح على الأرض، وهذه ما نجده في(صف17:3) الرَّبُّ إِلهُكِ فِي وَسَطِكِ جَبَّارٌ. يُخَلِّصُ. يَبْتَهِجُ بِكِ فَرَحًا. يَسْكُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. يَبْتَهِجُ بِكِ بِتَرَنُّمٍ». فهو يتمتع ببركات الرب من خلال يسوع المسيح(أف1: 3)
ثانياً،يكافىء بأنه ينجو من الدينونة(رو 1:8). اذا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع ربنا.
ماذا يقول الرب في(صف1: 14) « قَرِيبٌ يَوْمُ الرَّبِّ الْعَظِيمِ. قَرِيبٌ وَسَرِيعٌ جِدًّا. صَوْتُ يَوْمِ الرّبِّ. يَصْرُخُ حِينَئِذٍ الْجَبَّارُ مُرًّا. وقد كان ليوم الرب هذا تحقيق جزئي مع الغزو والسبي البابلين في القرن السادس ق. م. ولكن هناك تحقيقا نهائيا أكمل ينتظر الحدوث في نهاية العصر كما قال الرب في(صف1: 2) «نَزْعًا أَنْزَعُ الْكُلَّ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ، يَقُولُ الرَّبُّ.
وهذا يذكرنا ما جاء في سفر(تك6: 6ـ7) فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ، والسبب(تك6: 5) وَرَأَى الرَّبُّ أَنَّ شَرَّ الإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ.
فالإنسان يحب أن يخطئ، الرب دائما يدين الخطيئة وأيضا الله يعلن عندما يريد أن يدين. ولكن الله يعطي للناس أوقاتا لكي يتوبوا. ولكن الدينونة هي للأشرار فقط، والمؤمن المكرس لله ينجو من الدينونة، فغضب الله يهدف إلى التوبة ولا ليأس الناس.
فعلى الرغم من تحذير صفنيا الشديد من اقتراب يوم دينونة الله في ذلك الوقت لكنه وضع أمام الناس رجاء وهذا واضح في(صف2: 1) تَجَمَّعِي وَاجْتَمِعِي يَا أَيَّتُهَا الأُمَّةُ غَيْرُ الْمُسْتَحِيَةِ.
كانت الدينونة قادمة لا مفر منها على الأرض. ولكن هذا لن يعني الدمار الكامل لكل الحياة ، لأن الدينونة ستنزع المتكبرين وغير الأتقياء من الأرض، ولكن الشخص المكرس لله سينجو من الدينونة.
في الختام:
تذكرعندما قبلت الرب يسوع المسيح أنت تتمتع بالأتي:
1) الخلاص في الماضي وهو خلاص من عقاب الخطية بموت الرب يسوع على الصليب.
2) الخلاص في الحاضر من دينونة الخطية.
3) الخلاص في المستقبل من جسد الخطية وهذا أجمل منظر. وقال عنه الرسول بولس في(1تس4: 15ـ18)....... نحن الأحياء نتغير في لحظة في طرفة العين بمعنى نلبس جسدا ممجدا ونحن نكون كل حين مع الرب يسوع، لذلك عزوا بعضكم بعضا بهذا. الكلام. لماذا؟ وهذا الجسد يا أخوتي الذي نحن فيه تراب ينجذب إلى الأرض لكن الجسد الممجد ينجذب إلى السماء . لما نموت، نحن مباشرة نأتي إلى يسوع. وهكذا فإن فرح صفنيا مرتبط بمجيء يسوع المسيح ثانية ويقول صفنيا إن بركات الحكم الألفي لن يقتصر على بقية إسرائيل ، بل أمميون ينجون من الدينونة لينضموا إلى عابدي الله.
وبعد توضيح هذه الفكرة البسيطة عن التكريس، هل أنت مستعد للمكافأة ؟ هل أنت مغلوب من الخطية في حياتك، تعالوا نصلي معا حتى الرب يكافئنا لكي نعترف بهذه الخطية.آمين.