الابن الضائع


الابن الضائع

 

كان هنالك رجل لديه ابنان.  قال الابن الأصغر لوالده "أبي، أريد حصتي مما تملك الآن " فقام الأب بتقسيم المال الذي يملكه بين ولديه. وبعد أيام قليلة باع الابن الأصغر ما يملك وغادر المنزل بما له من نقود. وأنفق ماله وكل ما يملك في الله سبحانه وتعالى والمتعة.  ثم اجتاحت البلدة مجاعة شديدة وهولا يملك شيئا.  فذهب الابن الأصغر إلى بلدة بعيدة حيث عمل عند أحد مواطني البلدة، إذ أرسله للعمل في مزرعته ليعتني بالخنازير. لقد تمنى وهو يعمل بأن يشبع جوعه بالخروب الذي تأكله الخنازير ولكن لم يقدم أحد له شيئا ليأكله. وأدرك الفتى في النهاية أن العاملين جميعهم عند أبيه لديهم ما يزيد عن حاجتهم من الأكل وهو يتضور جوعاً! قرر أن ينهض ويذهب لوالده ويقول له: " أبي، لقد عصيتك وعصيت الله سبحانه وتعالى ولم أعد جديراً بأن أكون ابنك لذلك عاملني مثل أحد عمالك. " ثم نهض الابن وعاد فوراَ إلى والده.

 

 كان بعيداً عن المنزل حينما رآه والده وعندها امتلأ قلب الوالد حنانا وشفقة فأسرع  نحو ولده. واحتضنه وقبله فقال الابن : "أبي، لقد عصيتك وعصيت الله سبحانه وتعالى ولم أعد جديراً بأن أكون ابنك لذلك عاملني كأحد عمالك." ولكن الأب استدعى عماله على عجل و قال لهم : "أحضروا أفضل ثوب و ألبسوه لولدي  وضعوا خاتماً في إصبعه و حذاءَ في قدميه ثم أحضروا العجل ا لسمين الذي بحوزتنا و اذبحوه ودعونا نحتفل بابني هذا فقد كان ضائعاً و ها قد عاد". و بدأت الاحتفالات في الحال.

 

في تلك الأثناء كان الابن الأكبرلا يزال يعمل في الحقل.  وأثناء عودته سمع صوت الموسيقى والطرب. فطرح سؤالا على أحد الخدم عن سبب الاحتفالات فأجابه الخادم أنها بسبب عودة أخيك وأخبره أيضاً أن والده يذبح العجل السمين احتفالاً بعودة أخيه سالماً معافى. غضب الابن الأكبر غضباً شديداً حتى أنه لم يرد دخول المنزل فخرج الوالد وتوسل إليه أن يدخل المنزل. ولكنه قال لوالده :"انظر، جميع هذه السنين التي مضت  وأنا أعمل معك كالخادم ولم أعص يوماَ أوامرك فماذا أعطيتني في المقابل؟!  لم تعطني حتى شاهً صغيرة لأحتفل بها مع أصدقائي! أما ابنك هذا فقد أضاع كل ما تملك في الفحشاء والمنكر وعندما عاد ذبحت له العجل السمين!" فأجابه الوالد :" يا بني إنك دائما ًمعي هنا وكل ما أملك هو ملكك.  ولكن يجب أن نحتفل ونكون سعداء لأن أخاك كان ضالا  فوجد وكان فاقدأ للحياة وعاد إليها مرة أخرى.".

 

ما المعنى من هذه الحكاية؟

 

نجد هنا فتىً يريد ترك المنزل كي يعيش حياته كما يريدها. لقد قام بإهانة والده عندما طلب منه حصته في الإرث ووالده لا يزال على قيد الحياة فطلبه هذا يبدو وكأنه يقول له " أتمنى لو أنك كنت ميتاً". وبالتالي غادر المنزل وذهب ليعيش في عالمه الخاص.

 

 قال الابن الأصغر لوالده "أبي، أريد حصتي مما تملك الآن " فقام الأب بتقسيم ما يملك بين ولديه.  وبعد أيام قليلة باع الابن الأصغر ما يملك وغادر المنزل بماله.

 

هنا تظهر لنا صورة الميول البشرية الفاسدة،  فالناس جميعهم أينما كانوا في وقت ما يتمنون الذهاب في طريقهم الخاص متجاهلين الله سبحانه وتعالى في حياتهم. وينتهي الحال بالابن بأنه أصبح يعيش حياة بائسة...فهو جائع  ووحيد ومصاب بالخزي. وأنفق كل ما يملك من مال في الله سبحانه وتعالىو والمتعة. ثم اجتاحت البلدة مجاعة شديدة  وهو لا يملك شيئا.

 

فذهب الابن الأصغر إلى بلدة بعيدة وعمل عند أحد مواطني البلدة الذي أرسله للعمل في مزرعته ليعتني بالخنازير. لقد تمنى  وهو يعمل بأن يشبع جوعه بالخروب التي تأكلها  الخنازير ولكن لم يقدم أحد له شيئا ليأكله.

 

   كل شخص في ضلالة الله سبحانه وتعالى مصيره الوصول إلى هذا المصيرالبائس إن طال به الزمن أو قصر. هل هناك من طريقة للعودة إلى منزله؟ بعدما أضاع كل المال وجلب لوالده  وعائلته الخزي والعار، وفكر في كيف يعود ويعتذر لوالده. لذلك وضع خطة العودة لوالده  والطلب منه أن يكون مثل أحد عماله وبالتالي يستطيع أن يجني المال ويعيد لوالده  ما أضاع.  لقد كان يعتقد أن المال هو المشكلة ولم يقدر قلب والده المفطور شغفاً عليه.

 

و أدرك الفتى في النهاية أن جميع العاملين عند أبيه لديهم ما يزيد عن حاجتهم من الأكل  وهو يتضور جوعاً! وقرر أن ينهض  ويذهب  لوالدي  ويقول له:أبي،  لقد عصيتك وعصيت الله سبحانه وتعالى  ولم أعد جديراً بأن أكون أبنك.

 

 هنا تنعكس لنا صورة الشخص الذي يعتقد بأن أبيه سيد وأن كل من حوله هم رهن إطاعته ولا يعلم أن الأب هو الحاني الرحيم بأولاده. في الحقيقة وعلى الرغم من كل ما عاناه الوالد ذهب مسرعاً للترحيب بابنه. لقد حضن الأب ابنه ومد له يد العون عوضاً عن إنزال العقاب به  وأعاد الابن كعضو من أفراد العائلة. لقد كان سعيداً جداً حيث طلب من الجميع حضور الاحتفال بعودة الابن.

 

قال الأب أحضروا أفضل ثوب و ألبسوه لولدي  وضعوا خاتماً في إصبعه و حذاءَ في قدميه ثم أحضروا العجل المسمن الذي بحوزتنا و اذبحوه ودعونا نحتفل بابني هذا فقد كان ضائعاً و ها قد عاد.

 

هنا تتضح لنا صورة الأب العطوف المحب لجميع الناس والذي يريدهم جميعاً أن يكونوا حوله وأن يعودوا إليه فهو يتقرب من جميع أولاده ويسامحهم.  فهو كالله سبحانه وتعالى يتقبلنا كما نحن ويرحب بنا بكل سرور. إنه لمن المحزن أن نرى الابن الأكبر لا يرحب بعودة أخيه. هذا الابن الذي حافظ دوماً على طاعة والده، يشعر هنا بأنه هو الذي يجب أن يُحتفل به بينما يجب أن يُعاقب أخاه.  وهو الآن غاضب جداً لدرجة أنه أهان والده أمام الجميع برفضه دخول المنزل.

 

في تلك الأثناء كان الابن الأكبر لا يزال يعمل في الحقل. وفي أثناء عودته سمع صوت الموسيقى والطرب. فطرح سؤالا على أحد الخدم عن سبب الاحتفالات فأجابه الخادم إنها بسبب عودة أخيك وأخبره أيضاً أن والده يذبح العجل السمين احتفالاً بعودة أخيه سالماً معافى. فغضب الابن الأكبر غضباً شديداً حتى لم يرد دخول المنزل فخرج الوالد إليه.

 

عندما نطيع الله سبحانه وتعالى  يكون من السهل علينا الاعتقاد أن هذا كل ما يريده  وكذلك إذا التزمنا بشريعة الله سبحانه وتعالى بأن نعتقد أننا أفضل من الآخرين. كيف تعامل الأب مع الابن الأكبر؟  يحق للابن الأكبر أن يعاقب لتصرفه على هذا النحو. ولكن الأب مرة أخرى يقابل الإساءة بالحسنى فيتوسل لابنه الدخول ويقنعه بالأسباب.

 

فخرج الوالد و توسل إليه أن يدخل المنزل.  ولكنه قال لوالده :"انظر، جميع هذه السنين التي مضت وأنا أعمل معك كالخادم ولم أعص يوماَ أوامرك،  فماذا أعطيتني في المقابل؟ ألم تعطني حتى شاهً صغيرة لأحتفل بها مع أصدقائي ! أما ابنك هذا فقد أضاع كل ما تملك في الفحشاء والمنكر والله سبحانه وتعالى وعندما عاد ذبحت له العجل السمين!" فأجابه الوالد : "يا بني إنك دائما ًمعي هنا وكل ما أملك هو ملكك.  ولكن يجب أن نحتفل بهذه الماسبة السعيدة معا ونكون سعداء لأن أخاك كان ضالاً وها قد عاد، لقد كان فاقدا للحياة وعادإليها مرة أخرى.".

 

لله الحق في عقابنا على جميع خطايانا سواء في الحياة الدنيا أو الآخرة.  ولكن الله سبحانه وتعالى يفاجئنا دون أن تتوقع رحمته وعفوه. لذلك يجب علينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى ونطيعه بسبب حبه  لنا ورحمته علينا لا لاعتقادنا بأننا خدم. ولكن ما هي نهاية القصة؟

هل اعتذر الابن الأكبر للأب وانضم للاحتفال أم بقي غاضباً وأراد أن يعمل شيئاً ليسيء للأب؟ وهذه هي نهاية القصة. وربما معظم الذين يقرأون هذه القصة يتخذون موقفا شبيها بموقف الابن الأكبر ولكن تضرعي لله سبحانه أن نعكس الموقف ونكون مثل موقف الابن الأصغر الذين نال العفو والمغفرة واختبر عمق محبة أبيه له. والسؤال الأخير هل أيها القاريء الفاضل تعتبر نفسك عبدا أم ابنا، فالعبد يطيع والابن يطيع ويتمتع بأبيه.



أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلأ بي.

يوحنا 14 : 6